المشادات الساخنة في مجلس النواب أمس سببها هيئة المكتب التي اجتمعت أمس الأول وقررت رفض استجواب الوزير الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة.
هيئة المكتب ذاتها كانت قد قالت من قبل (نهاية العام الماضي) إن استجواب الوزير عطية الله ليس فيه شبهة دستورية، ولكنها انقلبت على رأيها أمس الأول فجأة. وقد كان رأي اثنين من مستشاري مجلس النواب (أمس الأول) أن الاستجواب ليس فيه شبهة دستورية، وأحد المستشارين هو المستشار الرئيسي للمجلس. كما وكان رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني نفسه قد صوت العام الماضي في جلسة لمجلس النواب لصالح احالة الاستجواب الى اللجنة المالية... فلماذا انقلب رأيه الآن؟
وعليه، فقد طبخت هيئة المكتب الأزمة، إذ بدأت جلسة النواب صباح أمس على وقع مشادة ساخنة بين نواب كتلة الوفاق ورئيس المجلس، واندلعت خلال الجلسة مشادات ساخنة، وطالب نواب «الوفاق» الظهراني باعتذار رسميّ، وبعد مضي ساعة من قرار رفع الجلسة «مؤقتا»، قرر الظهراني رفع الجلسة ولكن من خارج قاعة البرلمان، ما أثار اعتراض كتلة الوفاق على عدم رفعها رسميّا... وعلى إثر ذلك تدخل النائب الأول لرئيس مجلس النواب غانم البوعينين ليعلن رسميّا رفع الجلسة من داخل القاعة، فيما استمرت المشادات الكلامية بين نواب كتلة الوفاق وبقيّة نواب الكتل خارج قاعة البرلمان.
إن الغريب في الأمر هذا التناقض في مواقف هيئة المكتب، وعدم التزامها باللائحة الداخلية، وبدا أنها خاضعة للمزاجية أكثر منها إلى العمل الدستوري. كما أن رفض رئيس المجلس مناقشة موضوع استجواب الوزير يعتبر قرارا استفزازيا وتعسفيّا، إذ إنه من المفترض أنه يمثل السلطة الموازية للوزراء وليست الخاضعة لهم أو الخائفة منهم.
ثم ماذا يضير الكتل البرلمانية المؤيدة للوزير عطية الله لو مررت طلب الاستجواب (أسوة بغيره على الأقل)؟ فهذه الكتل لديها الخيار بعدم التصويت لاحقا على سحب الثقة (بعد الانتهاء من الاستجواب داخل اللجنة المعنية)، وبذلك يدافعون عن الوزير كما يشاءون، فلديهم أصواتٌ أكثر من نصف المقاعد وذلك بفضل التوزيع غير العادل للدوائر الانتخابية.
هل كانت هيئة المكتب تخشى أن ينقلب ثلاثة من أعضاء الكتل الأخرى - مثلا - في لحظة حرجة ويسحبوا الثقة من الوزير؟ ألهذا الحد لا يثق البعض بأعضاء كتلته وتراصّها في قضايا يعتبرونها مصيرية؟ ثم لماذا هذا التعنُّت في الأمر؟ أليس مجلس النواب هو السلطة الرقابيّة ومن حقّه أن يحاسب أيّ وزير؟ ولماذا يتولى مجلس النواب مهمة حراسة الوزير؟ فهل المجلس يتكون من نواب يمثلون الشعب، أم نواطير يحرسون الوزير؟ ألا ترى هيئة المكتب أنها تضرّ بالتجربة البحرينية وتضرّ بسمعة المشروع الإصلاحي من خلال تصرّفاتها؟ ما هو الفرق بين مناكفتها ومناكفة المعارضين الذين كفروا بالعملية السياسية؟
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ