العدد 1999 - الإثنين 25 فبراير 2008م الموافق 17 صفر 1429هـ

الكتل... و «تبكير الكَدو»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«الكَدو» لمن لا يعرفه، هو النسخة المحلية للشيشة، ويحتاج تدخينه إلى تحضير الجمر، وحشو «رأس الكَدو» بالتتن... ليبدأ بعدها المدخنون بالاستمتاع بنفثه في الهواء!

هذه العملية تتكرّر بحذافيرها في البرلمان، وستبقى الأمور كذلك حتى نهاية أجله بعد عامين ونصف العام، ليستيقظ الشعب بخفيّ حنين، بسبب الاصطفاف الطائفي الذي تتلهى به الكتل بدل الاشتغال بالدفاع عن مصالح الشعب وحفظ الحقوق والأراضي والأموال العامة.

البرلمان السابق شهد عراكا بالأيدي وصل إلى حد توجيه اللكمات، وكنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من أي اصطفاف طائفي بعد الانتخابات الأخيرة، ولكن الأداء الهادئ للوفاق من جانب، الذي قابلته خطوة إيجابية من الجانب الرسمي بكبح فرامل بعض المنفلتين من قوى «الموالاة»، بعث بعض الطمأنينة في النفوس، على أمل أن يحقّق البرلمان بعض المكاسب وينتقل بالساحة الوطنية إلى مزيد من الأمل والتماسك والاستقرار.

ما يحدث الآن، هو العودة إلى الاصطفافات الطائفية مرة أخرى، بعد أن عاد النواب للعب وفق قواعد طائفية بحتة، على حساب ما ينفع الناس، بعيدا عن الشعارات التي رفعتها الجمعيات السياسية ذات القشرة الإسلامية الهشة جدا. وإذا انتقدهم أحدٌ أو ذكّرهم بمخالفتهم لأخلاق السلف الصالح ومبادئ الإسلام اتصلوا به مولولين... حتى تكاد دموعهم تتساقط من أسلاك الهاتف!

مثل هذا المجلس الذي يغرق في التفاصيل الطائفية ويذل العباد ويورّط البلاد، وقع في الكثير من التناقضات سابقا، وسيقع في تناقضات أكثر فيما تبقى من عمره، بفعل ضياع البوصلة الوطنية الجامعة، وسيطرة روح التربص والكيدية في قراراته وتحركاته.

من يريد أن يتفاخر بأنه من أشدّ الموالين والتابعين للحكومة فليفعل، ولكن ليس على حساب الشعب الذي ينتظر أداء غير هذا الأداء الطائفي للبرلمان، ونصرة الحكومة على الحق والباطل، وتلقي الأوامر بالهاتف للتصويت على هذا القرار أو معارضة ذاك.

كيف يثق الشارع بنوابٍ يخالفون القانون بدعوى أنه «غير منصف» ويدعُون الناس إلى مخالفته، ثم يدّعون أن ذلك من صميم العمل السياسي وأنهم لم يتخلوا عن برامجهم الانتخابية!

كيف نثق بنوابٍ يطالبون «العلاقات العامة» بالدفاع عن فشلهم وقصور أدائهم وتحوّلهم إلى «نواب خدمات»، والرد على منتقديهم في الصحافة لترويج إنجازاتهم التي لا تُرى بالعين المجرّدة!

مع مثل هذه التركيبة الطائفية الفاقعة، لا ننتظر خيرا من البرلمان فيما تبقى من عمره، وإنما مزيدا من الاصطفافات الطائفية، التي توقعهم في تناقضات فاضحة، فلجنة التحقيق مع الوزير (س) فيه «شبهة دستورية» (ما شاء الله)، بينما التحقيق مع الوزير (ص) ليست فيه أية شبهة دستورية أو غانونية أو «شيزوفرينية»!

مجلسٌ تمرّر هيئة المكتب فيه استجوابا لوزير في الدور الأول، بينما تحكم بعدم دستوريته في الدور الثاني لعدم استيفائه للشروط القانونية والدستورية و«الشيزوفرينية»، مع ان لائحة الاستجواب واحدة لم تتغيّر!

مجلسٌ تُجمع فيه ثلاث كتل على معارضة فتح ملف «التمييز» لكيلا تفوح الرائحة، ليستمر السرطان الذي ينخر في عظام البحرين حتى النخاع. إنه مجلسٌ تخلّى عن وظيفته الأصلية (رقابة وتشريع) وقبِل لنفسه القيام بغسل الغليون و«تبكير الكَداوة» في زمن التتن! فقد زاد التبخير والتمييز وفطسنا من الريحة يا جماعة!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1999 - الإثنين 25 فبراير 2008م الموافق 17 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً