منذ الإضرابات العمالية للهنود في البحرين والحديث يتكرر عن استبدال الهنود بالفيتناميين، ولكن هذا البديل يذكّر البحرينيين الذين عاصروا حقبة السبعينات ومطلع الثمانينات بمساعي الحكومة إلى الاستعانة بالعمال الكوريين في قطاع الإنشاءات وبعض القطاعات الأخرى. حينها انتشرت شائعات أن الكوريين لم يكونوا سوى جيش احتياط للأميركان في منطقة الخليج.
الكوريون الذين تعلم أهل البحرين وعملوا في أنديتهم الرياضية فنون لعبة “التايكواندو” المعنية بالدفاع عن النفس كانت لهم طبائع غريبة كما قال لي أحد العمال البحرينيين الذين عملوا معهم لسنوات، تحديدا فيما يتعلق بعادات وجباتهم الغذائية التي كانت تنفر العمال البحرينيين أكثر مما تقربهم، وخصوصا عندما تفوح رائحة الطعام في فترات الراحة القصيرة.
لقد اكتشف البحرينيون عشق هذا القوم أكل لحوم القطط والكلاب وتبيّن ذلك لاحقا في المنطقة التي كانوا يسكنون فيها، حيث انخفضت أعدادها بصورة ملحوظة بشكل كان يثير الضحك والتقزز عند البحريني الذي ظل يقارن بين عادات العمالة الهندية التي يعرفها منذ زمن طويل وعادات العمالة الكورية التي عرفها لفترة قصيرة لم تدم مع الطفرة الاقتصادية التي شهدتها كوريا ودفعت عمالتها لهجرة البحرين بعد تحسن الأوضاع الاقتصادية.
هذه الطفرة جعلتهم اليوم يعيشون في رغد ورفاهية تنافس مستوى المعيشة باليابان التي يمقتونها لأسباب وترسبات تاريخية؛ مما جعل بعض وسائل الإعلام الغربية تتسابق لنشر أخبار ما تفعله النساء الكوريات وهوسهن بتقليد الشكل الأوروبي الذي تحقق أخيرا بعدما أصبح ممكنا بواسطة إمكاناتهن المادية إجراء عمليات التجميل بدءا بتكبير جفن العيون، وصولا إلى تعديل الأنف واستقامته.
ها هم الكوريون اليوم، لكن ماذا عن ثوار سايغون؟ الفيتناميون وصفهم بعض أصحاب مهنة استقدام الأيدي العاملة في البحرين بأنهم يعملون 12 ساعة في اليوم، ومطيعون إلى أقصى حد. هذا أمر مشكوك فيه. فهؤلاء أبناء الثوار الاشتراكيين وأحفادهم الذين قهروا الآلة العسكرية الأميركية بالسبعينات، وهؤلاء يعرفون جيدا حقوقهم العمالية والمطلبية.
فلا يمكن أن نستغفل هذه الحقيقة ونقارنهم بالعمالة الهندية التي ظلت مقهورة الحقوق في دول الخليج، وعندما جاء الوقت لترفع صوتها أثارت سخط غالبية التجار وأصحاب الإنشاءات في البحرين وباقي دول الجوار التي كانت ممارساتها الخاطئة سببا رئيسيا في تفاقم المشكلة؛ بسبب استعباد هذه العمالة بشكل غير إنساني في معظم الأوقات.
الفيتناميون ليسوا هنودا. وهنود اليوم أيضا لن يبقوا على حالهم فقد يهجروننا قريبا؛ بسبب الطفرة الاقتصادية التي تشهدها بلادهم. وقد يأتي اليوم الذي تنقلب فيه الصورة ونصبح نحن في مكان عمالتهم وهم في مكاننا الحالي. فتلك كانت كوريا والآن الهند وربما فيتنام، فمن يدري؟
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1999 - الإثنين 25 فبراير 2008م الموافق 17 صفر 1429هـ