لا تملك إلا أن تذهب إلى أقصى درجات التندُّر والسخرية من كتابات «لا تقول شيئا». ليس هذا فحسب. كتابات هي أشبه برغاء ونهيق، ولم ولن تتشرَّف بـ «الصهيل» لأنها لا تمتُّ إلى النبْل بصلة. الخيول كائنات نبيلة لا يجب التعاطي معها باعتبارها بهائم. ثمة بشر لم يصلوا بعد إلى قيمة ومستوى حافر هذا الكائن النبيل!
كتابات بعضها يواري سوأة فضائحه في «تقرير» انبعثت منه روائح تذكِّر بمخططات وممارسات الفصل العنصري في جنوب إفريقيا و «إسرائيل». قبضوا بـ «يمينهم» ولم يطْرف لهم جفْن وهم يقسمون بأغلظ الأيمان بأن «شمالهم» لم تعلم بقبض «يمينهم».
هذا الاندفاع الذي يذكِّر بالانهيار العصبي لـ «صويحف» نكرة، لم ينل حظّا من المعرفة، يذكِّر «بريح نتنة» أطلقها أحدهم في مجلس عامر بعليَّة القوم الذين أزعجتهم الرائحة، فما كان من صاحب الرائحة إلا أن ادَّعى إصابته بحال من الصرع وتشنُّج أعضائه، علَّه بذلك يشغل رواد المجلس عن نتانة رائحته التي أصدرها!
مقاول الورد، عضو «الشرف» في «التقرير الموبوء» يصرُّ على مواراة «الرائحة» ويصرُّ على التعتيم و «الاستهبال بأن «شماله» لم تعلم بقبض «يمينه»، وليته توقف عند هذا الحدِّ، بل مازال ممعنا في «الاستهبال» والابتزاز بإصراره على تفسير وقراءة عوراء لما يريد أن يفسره ويقرأه. لم أعرف طوال 22 عاما من ممارسة الصحافة، و27 عاما من الكتابة، «رجسا» و «عفنا» بهذا المستوى. لم أعرف ما دون درجة الصفر من «الانحطاط» بأربعة آلاف درجة كما أعرفه عن «الصويحف» المذكور.
هذه النغمة المكرورة والساذجة التي التقطها من أستاذه، مدمن المهدّئات وعقاقير الهلوسة والأعصاب، لم تعد تجدي نفعا، ولم تعد قادرة على إقناع بهيمة سائبة ضلّت الطريق إلى حظيرتها!
لقد بات جناح في الحكومة يشعر بحرج كبير وانزعاج وصلت إلينا بعض صوره من هكذا مزايدات وابتزاز لـ «حلب» و «جلب» المزيد من «العلَف» إلى «حظيرته»!
***
ذلك واحد من النماذج المخزية والمتطفّلة على المهنة والضمير عموما. نموذج آخر دفعني دفعا إلى الكفر بالحداثة من (ألِفِها) إلى (يائها)، قبالة أطروحات «سمسار» أراض بامتياز، وهي أراض لم يرثها أو وفّر أموالا لامتلاكها (سأترك التفاصيل كي يتم نشر المقال). السمسار يطل بخصلات شعره المتسربة من «طوق» يعلو رأسه، لم يكمل قراءة 90 في المئة من الإصدارات والعناوين التي يستشهد بها في مقالاته. (جزى الله الشبكة العنكبوتية خيرا، في الفاضل من قيمتها) إذ بكبسة زر تجعلك في قامة محرر مجلة «تيل كيل» (وهْما) المطلوب منه قراءة 200 إلى 250 إصدارا في الأسبوع مع فريق عمله، وكتابة أكثر من 50 مراجعة أسبوعية لأهم الإصدارات في فرنسا وحدها، عدا عن المراجعات لكتب من خارجها.
يطالب «السمسار» الشباب بالتفرغ للاختراع، فيما هم متفرغون قسرا بسبب البطالة، وندرة المنافذ! لم أجد وقاحة وتجرؤا على أعصاب الناس وكرامتهم بهذا المستوى، بأن تطالب عاطلا عن العمل... مشوشا... تائها... مفلسا لا يملك حذاء (لا أقول مركبة) كما يجب يتسكع ويتشرد به، بالتفرغ إلى الاختراع، فتلك قمة «استسذاج» الناس، ويصفعنا بسذاجة بالغة بقائمة (وفّرتها له الشبكة) للمخترعين الذين وعينا على إنجازاتهم قبل أن ننهي الثانوية العامة بسنوات، فيما القائمة بمثابة اكتشاف وصدمة له في العام 2007 - 2008.
الدعوة للاستماع إلى الموسيقى أسهل وأهون بكثير من الدعوة - وهو في نعمته المحدثة - للتفرغ إلى الاختراع. فالاستماع إلى الموسيقى قد يخفف من وطأة الضغوط التي يتعرض لها عشرات الآلاف من ضحايا البطالة والروتين والتمييز والمحسوبية والفساد الإداري، لكن في الوقت نفسه من السخف والاستهبال والاستفزاز، وحتى قلة الأدب والحياء أن تطالب عاطلا عن العمل بالاستماع إلى السمفونية التاسعة لبتهوفن! ناهيك عن مطالبته بالاختراع!
فقط أسأل: هل كانت القائمة التي تضم أسماء المخترعين التي نسختها من الشبكة يعاني أغلب أفرادها من بطالة، ولا يجدون الضروري من احتياجاتهم اليومية، على الأقل: الإحساس بقيمتهم والكرامة؟ فقط أسأل، ولا أنتظر إجابتك!
ألم أقل في بداية هذا المقال: لا يمكنك إلا أن تذهب إلى أقصى درجات التندّر والسخرية من كتابات (لا تقول شيئا)؟!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1999 - الإثنين 25 فبراير 2008م الموافق 17 صفر 1429هـ