العدد 2288 - الأربعاء 10 ديسمبر 2008م الموافق 11 ذي الحجة 1429هـ

المواطنة وتكافؤ الفرص

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

حسنا فعلت الجمعيات السياسية الست (الوفاق، وعد، أمل، المنبر التقدمي، التجمع التقدمي، الإخاء) لتبنيها فعالية وطنية قادمة من المؤمل إقامتها خلال شهر يناير/ كانون الثاني 2009، بعنوان «المواطنة وتكافؤ الفرص»، يأمل المقيمون لها أن يخرجوا برؤى وطنية تحاول معالجة الوضع القائم وتصحيح المسار الحالي إلى مستقبل أكثر عدلا وأكثر مساواة وتصحيح المفاهيم المغلوطة والتي تسبب إرباكات لا أساس لها وفي ضوئها يصنف الوطنيون اليوم إلى تصنيفات غير صحيحة.

الموضوع المتبنى في الفعالية المشتركة مهم وحساس، وهناك حاجة ماسة إلى تبني العديد من الفعاليات الوطنية، التي من المهم معالجة موضوع «تكافؤ الفرص» الذي صار مثل السرطان المستشري في القطاعات كافة بسبب حالات التمييز الفظيع.

مؤتمر يتناول موضوعين مهمين: المواطنة وتكافؤ الفرص، فالمواطنة تعني مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، وهو ما يعني أن جميع أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أدنى تمييز قائم على الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي والموقف الفكري، ويرتب التمتع بالمواطنة سلسلة من الحقوق والواجبات. في حين اننا نجد واقعا معكوسا بكل المعايير.

إن جلالة الملك كرر في الكثير من كلماته منذ مجيئه إلى الحكم عدم التمييز على أساس المذاهب أو الأعراق، وهذا يدل على شعوره الكبير بوجود المشكلة وإلا لما كررها، فالتكرار تأكيد على الإحساس بالمشكلة.

الأمر الآخر يعكس الواقع الحالي وما تشهده الساحة من وجود ممارسات تمييزية فظيعة بأن هناك تجاهلا كبيرا للتوجيهات الملكية والتي تؤكد ضرورة الابتعاد عن المنزلقات الطائفية.

ومن المهم هنا التأكيد على أن المواطنة ليست فقط مجموعة من النصوص والمواد القانونية التي تثبت مجموعة من الحقوق لأعضاء جماعة معينة كما قد يعكسه دستور هذه الجماعة وقوانينها، بل يشترط أيضا وعي الإنسان داخل هذه الجماعة بأنه مواطن أصيل في بلاده وليس مجرد مقيم يخضع لنظام معين دون أن يشارك في صنع القرارات داخل هذا النظام، فالوعي بالمواطنة يعتبر نقطة البدء الأساسية في تشكيل نظرة الإنسان إلى نفسه وإلى بلاده وإلى شركائه في صفة المواطنة، وبالتالي فممارسة المواطنة كنشاط داخل المجتمع لا تتم بشكل عرضي أو مرحلي فهي جزء من نسيج حياتنا اليومية، لهذا فالوعي بالمواطنة وممارستها يتطلب التربية على ثقافة المواطنة بكل ما تحمله من قيم وما تحتاجه من مهارات.

في حين، الواقع نجده أكثر إيلاما؛ فالمناهج الدراسية تخلط المفاهيم وتسبب حالة من العشوائية وعدم التركيز على الأولويات، وترسخ المفاهيم بشكل مغلوط أكثر من كونها مفيدة، فالمواطنة بحسب ما تعكسه مناهجنا الدراسية يعني ولاء أو ولاءات غير منطقية وغير متعارف عليها، وموديلا خاصا بنظامنا.

كما أن مبدأ تكافؤ الفرص اليوم من أكثر المواضيع إلحاحا، فالتمييز بات سمة بارزة في الكثير من القطاعات، ومبدأ تكافؤ الفرص صار في أدنى مستوياته، والأدلة على ذلك كثيرة والإحصاءات والأرقام الموجودة اليوم أكبر دليل على صدق ما ندعيه، فلغة الأرقام اليوم لا يمكن تجاهلها أو الوقوف عليها ولكن يمكننا الوقوف عندها، فالأرقام اليوم تشير إلى أن هناك تمييزا كبيرا لصالح البعض وضد البعض الآخر، رغم أن المواطنة موجودة بالمفهوم الطبيعي، فضلا عن إن المواطنة كمفهوم مسلّم به قد تتأثر كثيرا لكون التمييز الحاصل يقف ضد مصالحهم بالمرصاد فيأتي كلام المنطق، كيف لا يمكنني الحصول على فرصة وظيفية وأنا مواطن ولي حقوق في حين أن الوافد أو الأجنبي أو المجنس لديه فرصة وظيفية مأمونة ومضمونة؟ وآخر يقول كيف لي أن أقف في طوابير الانتظار الأبدي للحصول على وحدة سكنية أعيش فيها بقية عمري مع أسرتي أو أحصل على قطعة أرض لأبني عليها بيت أحلامي وأعيش فيه، في حين أن الآخرين والذين لا ينتمون إلى تراب هذا الوطن، ولا يحملون هَمَّ الوطن ولا هُمْ منه ولا إليه يحصلون على القسائم والوحدات وهم في بلدانهم؟ وكيف وكيف... وهناك ما شاء الله من «الكيفات» التي لا تُعَدُّ ولا تُحصَى.

اليوم الواقع بكل مشكلاته المعاشة صار لا بد من مواجهته بدلا من تجاهله؛ لأن التجاهل لا يكون حلا للمشكلات، ولكن الإذعان بأن هناك مشكلة يعني أننا في طريقنا الصحيح للحل.

مشكلتنا كبيرة يا جماعة الخير، ونحتاج إلى أن نخلع النظارة من على أعيننا لنرى الحقيقة ونضع النقاط على الحروف، نحتاج إلى فزعة إيجابية لمواجهة المخططات التي تحاك ضدنا في الظلام الدامس، نحتاج إلى حراك ديمقراطي يصرخ في وجه المتنفذين والحواشي والذين لا تهمهم مصلحة الوطن، ونحتاج إلى تكاتف من كل الأطراف حتى لا نترك الوطن يحترق ونحن على أعتابه، فالمواطنة تعني حقوقا وواجبات ومن واجبنا أن نحمي وطننا من كل الشرور المتوقع أن يتعرض لها، فهناك من يحاول حرق الوطن بأفكاره الهدامة، فلسنا ببعيدين عن التقرير المثير والذي استطاع أن يحدث ضجة في الأوساط ولكن الضجة سرعان ما تم احتواؤها بحجة القضاء وغيرها من تكتيكات تحتاج إلى معالجات، فمازلنا بانتظار معرفة النتائج لأن الموضوع كبير جدا ولا يمكن احتواؤه بهذا الأسلوب، فالمواطنة تلحُّ علينا، وتكافؤ الفرص مبدأ يجب أن يسود لا يحارب من قبل الأنانيين والذين لا يفكرون سوى في مصالحهم الشخصية ومواقعهم، فالمواقع والمناصب لا تخلد ولو أنها تخلد لخلدت للغير ولم يكن لكم الفرصة لتبوُّئها. ما نقوله يمثل حرصا على المكاسب التي تحققت وعيوننا على المكاسب الأخرى التي في ضوئها يتوافر الأمن والأمان، فتكافؤ الفرص يعني عدلا ومساواة وهذا ما ننشده.

نأمل من خلال المؤتمر أن يكون فاتحة خير لاعتراف الجهات الرسمية بأن هناك خللا بالفعل، وعلاجه يأتي من خلال تبنِّي مبدأ تكافؤ الفرص

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2288 - الأربعاء 10 ديسمبر 2008م الموافق 11 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً