العدد 2288 - الأربعاء 10 ديسمبر 2008م الموافق 11 ذي الحجة 1429هـ

علماء الدِّين لهم رأي حر في أوروبا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في 7 ديسمبر/ كانون الأول كتب محمد الأرناؤوط مقالا في «الحياة» عن زيارته كوسوفو وكيف أن تنصيب الشيخ نعيم ترنافا مفتيا عامّا في كوسوفو لفترة أخرى (خمس سنوات) يتم عبر عملية انتخابية تبدأ من المساجد والجوامع وتنتهي الى متنافسين داخل المشيخة الإسلامية، وشرح كيف تم تنصيب الشيخ نعيم في جامع السلطان مراد في بريشيتا - الذي يعتبر من أقدم الجوامع في كوسوفو وبني في 1440م تقريبا- وتم منحه «المنشور» أو التفويض من علماء المسلمين في كوسوفو الذي يحمل توقيع كبار المسئولين في الأجهزة الموجودة داخل المشيخة الإسلامية، وهي المؤسسة الوحيدة التي تمثل المسلمين أمام الدولة وترعى شئونهم الدينية والتعليمية والثقافية.

وكما أشار الكاتب إلى أن كوسوفو (البلد الأوروبي المسلم) تعطينا أنموذجا آخر لتنصيب المفتي غير الطريقة المنتشرة حاليّا في بلداننا الاسلامية التي تعتمد التعيين السياسي من قبل الحاكم، وأشار إلى أن انتخاب المفتي العام معمول به في باقي البلدان الأوروبية المسلمة (أو التي تحتوي على جاليات مسلمة كبيرة) مثل الجبل الأسود ومقدونيا والبوسنة وألبانيا، وهو تقليد يعود أصله الى العام 1883، وذلك بعد الاحتلال النمسوي / المجري للبوسنة.

إن هذه التجربة الإسلامية حريَّة بالدراسة، لأنها تمثل منطلقا آخر يختلف تماما عن أسلوب الدولة العثمانية في تلك الفترة وما قبلها وما بعدها التي كانت تعيِّن شيخ الإسلام، وهو الأسلوب ذاته الذي كان متبعا من قبل الدولة الايرانية الصفوية بعد تأسيسها، إذ عمدت هي أيضا الى استخدام نظام تعيين شيخ الاسلام، وتبع ذلك عملية تنميط وتحنيط للمفتي الأول في البلدان الإسلامية المختلفة، على رغم وجود من يخرج على القاعدة بين فترة وأخرى.

وقد جاءت مصافحة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي للرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز في مؤتمر حوار الأديان في الأمم المتحدة مؤخرا لتضيف إلى الموضوع بعدا آخر، إذ نقل عن طنطاوي قوله إنه كان يعمل مع مسئول في دولة عقدت صلحا مع بلده مصر، كما نقلت تصريحات متناقضة ومختلفة عن المصافحة... ولكن الواقع هو أن شيخ الأزهر لم يعد منتخبا من قبل شيوخ الأزهر وإنما موظف في الدولة، وعندما يتحول شيخ الدين إلى موظف فإن نتيجة ذلك ما نراه حاليّا من تداعيات. ففي بلداننا العربية والمسلمة الجميع يتحولون الى موظفين مأمورين بما في ذلك اعضاء مجالس الشورى وربما النواب والبلديون ومنظمات حقوق الانسان والجمعيات الأهلية المختلفة. فإذا كانت أوروبا أعطت لمشايخ الاسلام حرية الاختيار والانتخاب، فإن بلداننا أبدعت في تحويل المنتخبين إلى موظفين، وأبدعت في إفراغ المشيخات الاسلامية والمنظمات التمثيلية من محتوياتها وتحويلها الى متاحف للنظر والضحك عليها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2288 - الأربعاء 10 ديسمبر 2008م الموافق 11 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً