عبر البريد الإلكتروني وصلتني رسالة تحوي مجموعة من الصور لمبنى ضخم واجهته من زجاج، تخاله للوهلة الأولى مجمعا تجاريا يشع نورا والطريق إليه (ولا أنظف)، ولكن تسلسل الصور يحيلك إلى احتمال أن يكون المبنى لفيلا ضخمة (لا يمتلكها حتى الهامور عندنا) بأثاث ملون وديكورات (كلاسيكية) وغرف معيشة مزودة بمختلف المستلزمات. وقد تعتقد أنه منتجع سياحي أو رياضي، فهناك صالة رياضة مجهزة بالكامل وملعب لكرة اليد والسلة، وطاولة تنس نصبت في باحة خضراء واسعة. لكن كل الاحتمالات تسقط، إن لم تجعلك أنت تسقط مغشيا عليك أو مصابا بأزمة قلبية عند معرفتك أن هذا المبنى الذي سرحت بخيالك هائما فيه متمنيا أن تدوس قدماك عتباته، ما هو إلا سجن في النمسا!
بيوتنا (وليست سجوننا)، وتحديدا «صناديق» الإسكان والشقق «العمودية» كأنما صممت لسد الأفواه فقط و»عجبكم وإلا في غيركم ينتظر»! مفتقدة لمجالات الترفيه، بل التنفيس ولو برقعة تنفع لنصب شجرة دون أن تكون هناك حاجة لتدشين مرفق ضروري أو «صندقة» إضافية مكانها لتستوعب أفراد العائلة جميعهم! فلا عجب لمن يشاهد مناظر (سجن النمسا) الخلابة أن يحتار أيهما السجين، من ينعم هناك بإنسانيته وبإبداع الخالق والبشر معا، أم من يقطن (هنا) بين جدران لم تدرك آدمية البشر ولا سمحت بنعم الخالق تنزل عليهم، عوضا عن أنك من السهل (جدا جدا) أن تسجن، ولكن من الصعب (جدا جدا) أن تحظى ببيت؟!... وبعد «تجون نبوق (في النمسا) وننسجن؟!
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 1997 - السبت 23 فبراير 2008م الموافق 15 صفر 1429هـ