التمييز بمختلف أشكاله هو أحد الملفات الواضحة التي لا تحتاج إلى توضيح؛ فتوضيح الواضح من أشكل المشكلات وأعقدها كما يقال.
والقول بعدم وجود تمييز جدل لا طائل من ورائه، وسفسطة سياسية تذهب بيد البحرين إلى المجهول، وإن من يقودون حملة تبرئة الحكومة من تهمة التمييز يعرفون جيدا أنهم ينكرون واقعا لا يقل عن إنكار وجود الشمس في رابعة النهار.
المشكلة التي وقع في شراكها من نصبوا أنفسهم هيئة دفاع للحكومة هي أنهم أسرفوا في تكذيب حقائق دامغة، ولا يمكن أن يغير الكذب شيئا من الواقع.
ليس من الحكمة إقناع مريض بالطاعون بأنه يعاني من الرشح والزكام، وهو دور قام ويقوم به أولئك المحامون اللذين حملوا على عواتقهم مهمة تكذيب الواقع متناسين بأنهم بهذه المهمة يزرعون قنابل موقوتة وقى الله البحرين شر فتيلها.
ها هي البحرين تستعد لمناقشة وضعها الحقوقي أمام مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في التاسع من أبريل/ نيسان المقبل وهي مطالبة بالإجابة عن حزمة من الأسئلة التي سيكون التمييز من أهم محاورها، فهل سيدفع منكرو التمييز عن الحكومة الحرج في الإجابة عن طابور الأسئلة التي كان بإمكانها أن تتحاشاها لو أنها تعاطت مع هذا الملف بواقع بعيد عن الوهم الكاذب الذي سوّق له المتمصلحون من التمييز، ومن عاشوا ويعيشون على نقمته؟
قائمة الوزراء تحتاج إلى تفسير في البحرين، قائمة الوكلاء تحتاج إلى توضيح، وحتى قوائم المديرين ورؤساء الأقسام تحتاج إلى شرح يخرج البحرين من قفص الاتهام بالتمييز. فهل من طبلوا وأسهبوا في الرقص على وقع الدفاع الكاذب سيزودون الحكومة بقوائم تختلف عن تلك القوائم التي تفوح منها رائحة التمييز من بعيد أقصى؟!
كان الأجدى بتلك الأصوات أن تسدي النصح للحكومة حتى يساعدوها على رفع رأسها ورأس البحرين عاليا أمام الأمم المتحدة لا أن يحبسوها في قفص ضيق لا أحد يعلم كيف ستخرج منه بعد نحو خمسين يوما وهي تصارع أسئلة الأمم المتحدة على منصة حقوق الإنسان.
كان الأجدى والأحرى بأولئك أن يأخذوا بيد الحكومة إلى الواقع لا الوهم، وينصحوها بعدم حظر توظيف فئة كبيرة من المواطنين في وزارتي الدفاع والداخلية، بل في غالبية الوزارات التي أصبحت حكرا على فئة معينة.
كان الأولى بأولئك المقتاتين على الكذب أن يشعروا الحكومة بخطورة حظر فئة كبيرة من المواطنين من التملك في المحرق والرفاعين وكأنهم مواطنون من الدرجة العاشرة! كان من الأنفع أن ينصحوها بعدم شرعنة التمييز من خلال توزيع الدوائر الانتخابية التي أنتجت برلمانا لا يجيد التنفس بغير هواء الطائفية! فكان هذا البرلمان مستعدا لتشكيل لجنة تحقيق في عدد «الذبّان» إلا أنه غير مستعد البتة لتشكيل لجنة تحقيق في التمييز!
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1997 - السبت 23 فبراير 2008م الموافق 15 صفر 1429هـ