على خلاف الإرادة العمالية تماما أتى موقف البرلمان من منح العاملين في القطاع الحكومي حق إنشاء النقابات الخاصة بهم على رغم وجود أربع نقابات حكومية قائمة حاليّا, كما أقر البرلمان في الوقت نفسه تعديلا للمادة العاشرة من القانون رقم 33 بشأن النقابات التي تنص على أن “للعمال في منشأة أو قطاع معين أو نشاط محدد أو صناعات أو حرف متماثلة أو مرتبطة ببعضها البعض تأسيس نقابة خاصة بهم وفق أحكام هذا القانون ويكون للعاملين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية حق الانضمام إليها ولا يجوز تكوين أكثر من نقابة واحدة لعمال المنشاة الواحدة...” بحيث أقر التعديل الذي وافق عليه النواب إنشاء أكثر من نقابة واحدة في المنشأة الواحدة بما يسمح لتعدد النقابات، في حين كان اقتراح الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين يتضمن حذف العبارة الخاصة بعدم جواز تكوين أكثر من نقابة واحدة في المنشأة الواحدة وبذلك يترك الأمر للإرادة العمالية.
ويرى الاتحاد أن الهدف الأساسي من هذا التعديل هو ضرب الحركة العمالية والنقابية في البحرين من خلال إنشاء نقابات بديلة وهجينة تتبع أصحاب الأعمال وتكون معاكسة لاتجاه النقابات التي تمثل رأي العمال كما يرى الاتحاد أن العمالة في المنشآت والمؤسسات البحرينية ليست بالعدد الكبير الذي يفرض إنشاء أكثر من نقابة واحدة في هذه المنشآت فعدد المنشآت البحرينية التي يصل فيها عدد العمال إلى 2000 عامل لا تتعدى الست منشآت فقط.
علاوة على ما يتيحه التعديل من إمكانية إنشاء نقابات خاصة بالعمالة الوافدة فيتم تشكيل نقابة خاصة بالعمالة الهندية ونقابة خاصة بالعمالة البنغالية والعمالة الباكستانية وغيرها وما يمكن أن يحدثه ذلك من تداعيات خطيرة في سوق عمل كسوق العمل البحرينية التي تمثل فيها العمالة الأجنبية أكثر من 75 في المئة من مجمل العمالة.
ولكن أخطر ما في هذا الموضوع أن هذا التعديل يأتي في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن نية كل من جمعيتي الأصالة والمنبر الإسلامي دخول المعترك النقابي بعد أن ظل حتى الآن حكرا على الجمعيات السياسية المعارضة, وبما أن هاتين الجمعيتين ليس لهما حضور كبير بين أوساط العمال ولا يمكن لهما أن تصلان إلى المناصب القيادية في النقابات القائمة حاليا فإن ذلك يعني بالضرورة تكوين نقابات عمالية خاصة بهاتين الجمعيتين وبعيدة عن مظلة الاتحاد العام للنقابات وذلك ما يفسر موقف هاتين الكتلتين من التعديلات التي أدخلت على قانون النقابات وخصوصا الحق في التعددية النقابية.
إن الحراك العمالي في البحرين الذي كان ولايزال يمثل إضاءة مشرقة في تاريخ الوحدة الوطنية من خلال نبذه للطائفية والعمل بروح المواطنة بعيدا عن التحزبات المذهبية يراد له الآن أن يساير المد الطائفي من خلال خلق نقابات ذات مذهب واحد ومن طائفة واحدة كما هو الحال مع الجمعيات السياسية ليكون كل ما في البحرين طائفيّا.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 1996 - الجمعة 22 فبراير 2008م الموافق 14 صفر 1429هـ