العدد 1994 - الأربعاء 20 فبراير 2008م الموافق 12 صفر 1429هـ

مجالس صورية بلا إنجازات... (1)

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

يحق لنا بعد مشاركة فعالة في مشروع المجالس البلدية، وبعد أن اختار الناخبون ممثليهم، وفاز من فاز وخسر من خسر، ودخل التجربة من فاز وظل مراقبا من خسر المعركة الانتخابية وخرج منها صفر اليدين، اختار الناخبون ممثليهم بأساليب عدة وبناء على عدة قناعات فالبعض كان يرى أهمية التغيير وضخ دماء جديدة إيمانا منه بأهمية تغيير الوجود وتبديل الدماء، وقناعات أخرى تتعلق بعدم رغبتهم في تجديد الثقة لممثلهم السابق الذي أخفق في تحقيق برنامجه الانتخابي السابق الذي وعدهwم به، في حين جدد للبعض لقناعة الناخب بدوره محملينه مسئولية أكبر.

كان الشارع يعتقد في لحظة من اللحظات أن تغيير الوجوه والدماء يعني تغييرا مرتقبا على صعيد تحقيق الإنجازات، لاعتقادهم أن السابقين لم يكونوا مؤهلين لخوض التجربة، لكونهم لم يفلحوا في تحقيق الوعود، وكان الناخب دائم الشك فأحيانا يصب شكوكه في مدى قدرة الممثل على المتابعة وأحيانا يطعن في نشاط وحركة الممثل وأحيانا يركز على نمط علاقات الممثل مع الآخرين، بل إن البعض ذهب لأبعد من ذلك إذ بدأ مسلسل التشكيك في صدقية وشفافية العضو البلدي، وخصوصا أن المجالس عموما والمجالس البلدية بشكل خصوصا تحتاج إلى شبكة معقدة من العلاقات الاجتماعية إلى جانب العلاقات العامة، سواء كانت علاقات فوقية مع أصحاب القرار أو تحتية مع الناخبين لإطلاعهم على حيثيات الأمور وكيف تسير، بدلا من إغلاق النوافذ والأبواب خجلا أو تهربا أو خوفا.

غير أن الشارع فاق من غفلته ذات يوم ورأى أن تغيير الوجوه لم يغير شيئا من صورة المجالس في شيء واكتشف أن العلة لا تكمن في الأشخاص، كما كانوا يظنون سابقا، بل إن الموضوع أكبر بكثير من وجوه لابد لها أن تتغير، وأن الطامة الكبرى كانت تكمن في جوهر المجلس وحقيقته وصلاحياته ومهماته وفي أدواره، وفي آليات عمله المعيقة المشلولة، وفي مدى استقلاليته عن المؤسسات الأخرى ذات العلاقة، فنظرة أكثر عمقا عن سير عمل المجالس البلدية، إذ طالما سمعنا بكل تلك الأسباب ولكننا لم نأخذها مأخذ الجد ونظرنا إليها لكونها تبريرات لا أصل لها، ولكننا عندما صحونا من نومنا وجدناها حقيقية، فهناك تداخل كبير في الصلاحيات ما بين المجلس البلدية وبين وزارة شئون البلديات وبين المحافظات، فتلك المؤسسات لم تترك للمجالس البلدية ولأعضائها أية فرصة لتقديم إنجازات أو دور فعلي على الساحة، بل هدفت إلى تعطيل وتهميش دور المجالس البلدية فأصبح العضو البلدي لا بريق له وأصبحت المجالس البلدية باهتة المنظر.

أصبحت حينها المجالس البلدية مجالس شعبية خاوية على عروشها كالمقابر المهجورة تماما، مجالس صورية بلا إنجازات، و تحول حالها كحال مكاتب تخليص المعاملات الحكومية المتعلقة بالشأن البلدي، وإن كانت الأخيرة تعج بالنشاط والمراجعات.

فعضو المجلس البلدي أصبح «ضايع في الطوشة» فلا هو كمثل الممثل البرلماني الذي يحظى بمكانة اجتماعية مرموقة وله احترامه وتقديره مهما كان وضعه في المجلس ومهما كان أداؤه، فالإنجاز يحسب للمجلس عموما بغض النظر من إرجاع الانجاز إلى الأفراد، علاوة على وضعيات وامتيازات أخرى يحظى بها النائب البرلماني من حصانة دبلوماسية وغيرها من مميزات لا تجعل الناخبين يمضغون فيه كالعلك كما هو الحال بالنسبة إلى البلدي.

بدأت الناس تكفر بالتجربة البلدية لأنها لا خير فيها فحتى أبسط الأمور لا يستطيع عضو المجلس البلدي أن يبت فيها أو ينفذها، وأظن أنه على رغم قلة أو ندرة الإنجازات التي تحققت في المجال البلدي في الدورة الأولى، فإنني لا أعتقد أن هناك إنجازات أخرى يمكن تحقيقها لاحقا إذ إن ما تحقق فعلا هو الحد الأقصى الذي يمكن تحقيقه، وما تبقى ويأمل الأعضاء الجدد تحقيقه يظل سرابا ووهما.

مهما حاولوا تخفيض سقف الطموحات ومهما أخذهم الطموح والحلم بعيدا تبقى الحقيقة صفر اليدين فهناك خليج يسمى بخليج توبلي يئن وينتحب وكان الأولى أن يظل محمية طبيعية تخطف الأبصار، ويتجه لها الناس للاستجمام، بدلا من اللجوء إلى المجمعات التجارية الخانقة، وهناك سواحل تتخطفها وتتلقفها الأيدي وأصبحنا بين عشية وضحاها لا نملك ساحلا واحدا يسبح فيه أطفالنا، ونجلس أمامه لنلقي بهمومنا وأوجاعنا إليه، ويستمع إلينا، وهناك حظور ومصائد وخيرات بحرية تحت مجهر المتنفذين والطامعين وأخشى ما أخشاها أن نصحو من سباتنا من جديد لنرى أنه لا أسماك ولحوم غالية الثمن لنبشر بالمجاعة، وهناك مساحات من الأراضي قد اختطفت وأخرى يسيل لعاب البعض عليها وهناك جزر لا نعرف سوى اسمها، وهناك مقابر تسرق في وضح النهار وهناك حضارات قديمة بدلا من الحفاظ عليها يتم تقديمها على أطباق من ذهب وفضة، على الضفة الأخرى هناك مشروعات تنموية معطلة وتحتاج لقرارات جريئة وإرادة لتحريكها وإنجازها فهناك مشروع امتدادات القرى والبيوت الآيلة للسقوط المشروع المتعثر على رغم أهميتها، وهناك ملفات تحتاج إلى إعادة ترتيب وإلى تعاون بين مختلف الجهات لمعالجتها

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1994 - الأربعاء 20 فبراير 2008م الموافق 12 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً