العدد 1989 - الجمعة 15 فبراير 2008م الموافق 07 صفر 1429هـ

أنصفوا العمّال قبل «أنْ يقع الفأس في الرأس»

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لاتزال قضية إضرابات العمّال الأجانب تتفاعل، ونقل موقع سي إن إن (CNN) على لسان مسئول نقابي بحريني تقارير تتحدّث عن استمرار الإضراب العمالي في البحرين.

وقال الأمين العام المساعد في الاتحاد العام لنقابات عمّال البحرين عبد الله محمد حسين،كما ورد على موقع سي إن إن «إنّ الإضراب مازال مستمرا ونأمل أن تستجيب الشركة لمطالب العمال، معربا عن دعم النقابة للعمّال المضربين».

وتأتي تصريحات حسين بعد يوم من تقارير نشرتها الصحف البحرينية، نقلا عن عمال مضربين، تشير إلى أنّ «ممثلي الشركة وافقوا شفويا على زيادة الرواتب».

وبدأ العمال إضرابهم في مشروع «درة البحرين» الذي تنفذه شركة «جي بي زاخارياديس» حتى تتم زيادة راتبهم الشهري من 57 إلى 100 دينار بحريني حوالي 265.6 دولارا.

وانتقد حسين في تصريحاته لـ CNN العربية قائلا: «الظروف التي يقيم العمّال فيها حاليا حيث لا يتوافر مطعم ملائم» وذلك منذ تمّ إجبارهم على البقاء في مشروع درة البحرين الذي يعملون فيه.

وتقول الشركة المشغّلة لهؤلاء العمّال إنّ للإضراب علاقة بإعلان الهند الأسبوع الماضي أنها ستمنع عمّالها غير المهرة من الهجرة إلى البحرين إذا لم يحصلوا على 100 دينار حوالي 265 دولارا شهريا كحد أدنى للأجور. ولكن الحد الأدنى للأجور غير قابل للتطبيق الإلزامي في الخليج، ولذلك تجد الشركات نفسها غير ملزمة بزيادة الرواتب للهنود المرتبطين بعقود مسبقا.

وقد شهدت البحرين وحدَها، منذ بداية فبراير/شباط ، سلسلة إضرابات انتهى أغلبها بعد أن وافق العمّال في نهاية المطاف على تخفيض نسب مطالبهم المادية.

في الوقت ذاته تؤكد الكثير من الدراسات التي نشرت في المنطقة عن ارتفاع معدلات البطالة في صفوف المواطنين من أبناء الخليج وعلى وجه الخصوص البحرينيون منهم.

وقالت الدراسة التي أعدّها باحثون اقتصاديون بـ»مركز البحرين للدراسات والبحوث»، ونشر تلخيصا لها موقع سي إن إن ، إنّ أنماط النمو الاقتصادي في الدول الخليجية وصلت إلى أقصى مدى لها، وأصبحت غير قادرة على الاستمرار وفقا لمعدلاتها الحالية، وخصوصا على صعيد توفير الوظائف المناسبة لمئات الآلاف من الشباب الخليجيين.

وطالبت الدراسة بضرورة البحث جديا وفوريا في إعادة هيكلة نمط النمو الاقتصادي الخليجي، بهدف الانتقال من مرحلة «الدول النامية» إلى مرحلة «الدول النامية حديثة التصنيع»، التي تسبق مرحلة «الدوّل الصناعية المتقدّمة»، وفقا للدراسة التي نشرت بصحيفة «الاقتصادية» الخليجية. وأوضحت الدراسة أنّ نمط النمو في الدول الخليجية ارتبط بشكل أساسي بنمو سوق العمل، الذي اعتمد بدوره على تدفق العمالة الأجنبية، وأغلبها من العمالة غير الماهرة.

ومن جانبه أكّد الخبير الاقتصادي والأمين العام لمركز البحرين للدراسات والبحوث عبد الله الصادق، في دراسة بعنوان «السياسة الاجتماعية بمنظور اقتصادي بحرينيا وخليجيا»، أنّ ما حققته اقتصادات دول الخليج انعكس على تطور مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية، إلاّ أنّ عناصر نجاح هذا النمو استنفدت بالفعل.

وقال الصادق إن الـ 25 عاما الماضية شهدت زيادة في العمالة الأجنبية في أسواق العمل في دول الخليج بمعدلات مرتفعة، حيث ارتفع حجم هذه العمالة من 1.1 مليون عامل في عام 1975، إلى 7.7 ملايين العام 1990، ليصبح نحو 8.1 ملايين في العام 2002. وتمثل العمالة الأجنبية في المتوسط من 60 إلى 70 في المئة، من إجمالي العمالة في معظم الدول الخليجية.

ما تقوله هذه الأرقام هو أننا أمام اقتصاد مشوّه يعاني، فيما يعاني، من سيولة نقدية متزايدة مصدرها ارتفاع أسعار النفط والغاز أو زيادة إنتاجهما، تقابلها عمالة تسودها أيد عاملة غير ماهرة وغير محلية، مترافقة مع نسبة بطالة عالية في صفوف المواطنين المحليين.

النتيجة المنطقية التي ينبغي لنا أنْ نتوقع أن تفرزها هذه الحالة، في حال استمرارها، هو زيادة نفوذ اليد العاملة الأجنبية الاقتصادي والسياسي من جرّاء إمساكها بنسبة عالية من الوظائف ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بصناعة النفط والغاز، وتراجع القدرة التنافسية لليد العاملة المحلية بسبب تدني مستوى الحد الأدنى للأجور، وبالتالي استمرار ارتفاع نسب البطالة ، إمّا لعزوف أبناء البلد عن العمل بسبب عدم القدرة على المنافسة في سوق العمل الذي تسيطر عليه اليد العاملة الأجنبية - الرخيصة نسبيا مقارنة مع اليد العاملة المحلية- أو للجوء الشركات التي تشغل أولئك العمّال إلى جنسيات أخرى غير هندية قابلة للعمل بأجور أكثر تدنيا من تلك التي تطلبها الهندية.

ومحصلة كلّ ذلك تزايد الاضطرابات وتراجع الاستثمار المحلي والأجنبي وارتباك الاقتصاد وتوقف آلية عمل العوامل الصحية فيه، الأمر الذي يقود إلى أزمات سياسية تفقد البحرين إمكانية الوصول إلى المكانة التي تطمح لها على خارطة الاقتصاد العالمية.

فهل ننتبه إلى ما ينتظرنا ونبادر إلى وضع الحلول، وكما يقول المثل الشعبي «قبل أنْ تقع الفاس في الرأس»، ويصبح الدواء غير شافٍ والحلول ليست ممكنة؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1989 - الجمعة 15 فبراير 2008م الموافق 07 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً