ما أطلقه وزير العمل مجيد العلوي خلال مداخلته في منتدى العمالة التعاقدية في أبوظبي أخيرا إن «العمالة الأجنبية أخطر من القنبلة النووية و(إسرائيل) معا... وإنها قد تغيّر وجه المنطقة بكاملها خلال العقد المقبل» بدأنا نشاهد مؤشراته خلال الفترة الأخيرة من إضرابات عمالية شهدتها عدد من المدن الخليجية كان آخرها البحرين.
فما حدث خلال أسبوع واحد من إضرابين منفصلين للعمالة الهندية لا يمكن إرجاعه فقط لتصريحات السفير الهندي الذي اتُّهِم بتحريض مواطنيه على المطالبة بحد أدنى للأجور بواقع مئة دينار شهريا. فالسفير لم يكن موجودا في دبي أو الكويت عندما حدثت الإضرابات هناك، كما أنه ليس مسئولا عن قرار الحكومة الهندية تحديد حد أدنى للعمالة الهندية في الخليج بما يعادل 100 دينار شهريا، بالإضافة إلى توفير السكن والمواصلات لهذه العمالة. فالمسئول الأساسي عن ذلك هو النمو الاقتصادي الكبير الذي تشهده الهند حاليا وفرص العمل التي وفرها هذا النمو بجانب ارتفاع مستوى الرواتب هناك ليصل إلى ما يحصل عليه العمال الهنود العاملون في الخليج ولذلك لم يعد هناك ما تخسره هذه العمالة حال الاستغناء عنها ورجوعها إلى العمل في الهند.
ويمكن أن يكون الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين أكثر من يعي خطورة هذه الإضرابات والتحركات التي تقوم بها العمالة الأجنبية؛ لاطلاعه الدقيق على تاريخ الحركات العمالية العالمية، ولذلك فهو يرى - على لسان نائب الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين عبدالله حسين - أن «تحركات العمالة الأجنبية التي شهدتها منطقة الخليج تسير عبر مسلسل مبرمج ومتفق عليه سلفا»، ولذلك يحذر من إقرار مجلس النواب السماح بالتعددية النقابية في المنشأة الواحدة؛ مما سيؤدي إلى إيجاد نقابات الجنسيات، أي أن تقوم كل جنسية من العمال بخلق نقابتها الخاصة.
إن الاتحاد العام لنقابات عمّال البحرين يعي جيدا أن المشكلة ليست في قيام إضراب في هذه المؤسسة أو تلك ولكن الأخطر من ذلك هو إن هذه الإضرابات ستخلق في نهاية المطاف قيادات تمثل هذه العمالة تتحدث وتفاوض باسمها كما ستدين العمالة الأجنبية لهذه القيادات بالولاء والطاعة ويمكن أن يتطور الأمر إلى وجود تكتلات وتنظيمات داخل المؤسسات أو خارجها تطالب بحقوق العمالة الأجنبية وما يمكن أن يفرزه ذلك من تداعيات على مجتمعاتنا الخليجية التي فاقت فيها أعداد العمالة الأجنبية أعداد المواطنين. ومن هنا يمكن فهم ما ذهب إليه وزير العمل إن هذه العمالة تمثل أكبر خطر على المنطقة.
نقطة أخيرة تتعلق بالجانب الإنساني من القضية فلا يمكن إلا التعاطف مع العامل الذي يعمل في أشق وأخطر قطاع وهو قطاع الإنشاءات طوال شهر كامل وفي لهيب الصيف ولا يتقاضى إلا 70 دينارا. ومهما كان مستوى الرواتب في وطنه الأصلي، فهو في نهاية الأمر من شيّد منازلنا وعمّر مدارسنا ومستشفياتنا وشق وعبّد طرقنا لتكون البحرين على ما هي عليه الآن.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 1989 - الجمعة 15 فبراير 2008م الموافق 07 صفر 1429هـ