صعقت شركة «جنرال موترز» القطاع الصناعي الأميركي، بإعلان نتائجها المالية للعام 2007، إذ أظهرت بياناتها أنها خسرت خلال السنة المالية الماضية 38,7 مليار دولار، في أسوء نتيجة تُسجل في تاريخ صناعة السيارات، ما يجعلها، ومن ورائها صناعة السيارات الأميركية في مهب الريح، وخصوصا في فترة تشهد صناعة السيارات الآسيوية، وخصوصا الهندية والصينية نموا متصاعدا في الأسواق الداخلية، وإنتشارا واسعا في الأسواق العالمية، ومن بينها السوق الأميركية.
ويبدو أن الشركة تخطط إلى ترتيب بيتها من الداخل من خلال إعادة هيكلة بنائها الإداري، إذ اتبعت بيانها بإعلان عزمها إلغاء 74 ألف وظيفة، عبر التقدم من شاغليها بعروض لإنهاء خدماتهم، الأمر الذي قد يفاقم حالة التشاؤم التي تعيشها الأوساط الأميركية والعالمية، والتي تهدد الاقتصاد بالركود. وقد حاول المدير التنفيذي لـ»جنرال موترز» ريك واغونر، تخفيف وطأة هذه النتائج، بإشارته إلى أن العام 2007 شهد تحسنا نسبيا، وذلك من خلال خفض التكاليف الهيكلية في أميركا الشمالية، وزيادة المبيعات بصورة كبيرة في آسيا وأميركا اللاتينية.
وعن الوظائف المزمع إلغاؤها، أشارت الشركة إلى أنها ستشمل جميع العمال بالساعة المنضوين في ظل اتحاد عمال السيارات الأميركيين. لكن بمجرد إعلان هذه الأنباء، تراجع سعر السهم في «جنرال موترز» في السوق ليصل إلى 71 سنتا تعادل 2,6 في المئة من قيمتها إلى مستوى 26,41 دولارا. وتعد خسائر «جنرال موترز» الحالية أكبر من خسائر العام 1992 القياسية، التي بلغت 23,4 مليار دولار. وتظهر الأرقام أن عائدات الشركة بلغت 181 مليار دولار العام 2007 مقابل 206 مليارات دولار للعام 2006، غير أن عائدات بيع السيارات ارتفعت سبعة مليارات دولار خلال 2007، لتبلغ 178 مليار دولار.
وفي الأسواق العالمية تراجعت حصة الشركة في الأسواق من 14,4 في المئة إلى 13,9 في المائة الأمر الذي عزته الشركة إلى نتائج قرارها بخفض المبيعات ذات هوامش الربح الضئيلة، إلى شركات تأجير السيارات في أوروبا وأميركا الشمالية.
وتعول «جنرال موترز» على تصاميم شاحناتها الجديدة، التي من المقرر أن تبدأ بالظهور في صالات العرض في أواخر العام الجاري لتحسين أرقام مبيعاتها، كما تعتمد على النتائج المتوخاة من الخطة الإدارية الجديدة التي وضعتها الشركة.
ومنذ العام 2005 كانت إدارة شركة جنرال موترز تشعر بعمق الأزمة التي تعاني منها، وحاولت حينها أن تتعاون مع أشرس منافسيها في سوق السيارات والتي هي شركة تويوتا اليابانية، إذ أفيد في مطلع العام 2005 عن لقاء سيجمع مديري أكبر شركتين عالمتين لتصنيع السيارات «جنرال موتورز» و»تويوتا» في (طوكيو) لبحث سبل التعاون بينهما، لكن شيئا لم يسفر عن ذلك اللقاء. وكانت الشركة حينها تطمح في أن تساعدها «تويوتا» في تجنب خسارة علنية مقابل السيارات اليابانية في السوق الأميركية المهمة. ومن جانب «تويوتا» فهي تحقق أكبر نسبة أرباح من السوق الأميركية ولذلك يتخوّف القيمون على الشركة من أن يولّد هذا الأمر شعورا معاديا لليابان في الولايات المتحدة. فقد سبق واشتكى بعض أعضاء الكونغرس من تضعيف العملة اليابانية - الين - بشكل اصطناعي مقابل الدولار. وبالتالي فإن «تويوتا» تبحث عن سبل للتعاون مع «جنرال موتورز» بدلا من منافستها. وكانت «تويوتا» و»جنرال موتورز» قد ناقشا إمكانية الدخول في مشروع مشترك لتطوير تكنولوجيا الهيدروجين معا كوقود بديل.
من جانب آخر كانت «جنرال موتورز» تعول على أنواع السيارات الجديدة التي كان يفترض أن تمثل 30 في المئة من المبيعات بحلول العام 2007 ، وعن خططها لتقليص النفقات التي كانت ستمكنها من توفير 4 مليارات دولار خلال العام 2007. وكانت الشركة التي حققت خسارة في الربع الأول من العام 2005 بقيمة 3,8 مليارات دولار بسبب تراجع مبيعات السيارات في الولايات المتحدة . كما كانت الشركة تتوقع انخفاضا كبيرا في حجم النفقات الناجمة عن توزيع العائدات بحلول العام 2010. وقد عانت الشركة الأميركية العملاقة كثيرا بسبب السباق الشديد مع المنافسين الآسيويين وتغير أذواق المستهلكين.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1988 - الخميس 14 فبراير 2008م الموافق 06 صفر 1429هـ