فرحةٌ عارمةٌ شهدتها البحرين مطلع العام 2001، والفرحة كانت كبيرة جدا، ومعالم تلك الفرحة استمرت شهورا عدة، بل إن اجتماعات لا يحصى عددها، وساعات طويلة قضاها الأهالي والناشطون في ترتيب الاحتفالات والأفراح بالنسبة إلى الفئات المجتمعية التي كان لديها أبناء في السجون والمنافي. الاستقبالات والمهرجانات كانت في كل مكان، ولم يكن يوجد أي وقت للحديث عن أمور أخرى غير الفرح بلقاء من باعدت بينهم أجواء السياسة المرّة التي كانت تخيّم على سماء البحرين في عهد أمن الدولة.
ولكن تلك الأفراح التي عاشتها جماعات المعارضة كان لها موعدٌ آخر مع فترة وجوم وإحباطات عاشتها هذه الجماعات منذ مطلع العام 2002 ولم تفارقها كثيرا. وفي الوقت الذي لا يمكن لوم أحد بذاته على ما حدث؛ لأن القضايا تسارعت وتداخلت؛ واختلطت الأوراق، إلا انه يمكن ملاحظة بعضٍ من جذور المشكلة التي أدت إلى نشوء حالة الوجوم.
بادئ ذي بدء، كانت التوقعات التي أطلقها مشروع جلالة الملك كبيرة جدا. وتصوّر البعض أن البحرين يمكنها أن تنطلق نحو آفاق واسعة من الديمقراطية والمشاركة الحقيقية في القرار. ولكن كانت هذه مخيلة المعارضة أكثر منها واقع الحال. فواقع الحال كان يتحدث عن حاجة إلى حلحلة الأمور عما كانت عليه، وعن البدء بمرحلة مصالحة بين الحكم وفئاتٍ من المجتمع كانت تعاني من التهميش والاستهداف والتمييز... واقع الحال كان يتحدث عن الحاجة إلى انطلاقة مختلفة عن الماضي، ولكن ليس بالضرورة كما تصورتها جماعات المعارضة.
بعد موسم الفرح في 2001، شعرت بعض دوائر القرار بأن الحاجة إلى الاستمرار بما بدأه جلالة الملك قد انتفت بسبب المتغيرات الإقليمية (والاقتصادية لاحقا). وفي العام 2003 شهدنا الغزو الأميركي للعراق، وانطلق الحديث (على لسان الرئيس الأميركي جورج بوش) في العام 2004 عن «شرق أوسط كبير» تعمه الديمقراطية، ثم تكرر الحديث عن «ربيع الديمقراطية» في 2005 بعد الانتخابات الفلسطينية والعراقية.
في العام 2005 بدأت جماعات المعارضة التي قاطعت انتخابات 2002 تتجه نحو تغيير رأيها بشأن المشاركة في انتخابات 2006، وهذا ما اعتبره البعض - من أصحاب النفوذ - «إنذارا وخطرا حادقا» يتطلب التحرك بسرعة لمواجهة تلك الجماعات في حال دخلت العملية السياسية... وتبع ذلك قصص وأخبار وتقارير وإثارات انتشرت في أوساط المجتمع وحرّكت الرأي العام بشكل نعرفه ونتذكره جميعا. كل تلك الأمور سبقت انتخابات 2006 بفترة وجيزة جدا.
دخلنا العام 2007 لنواجه تبعات فترة الإحباط التي سادت أوساط الجماعات المعارضة وفئات المجتمع التي كان من المفترض أنها تصالحت مع نفسها ومع الحكم في العام 2001... ولنواجه أيضا أسئلة كثيرة ومثيرة من دون أجوبة من دون شك، فإن بعض المحسوبين على دوائر القرار أضروا بسمعة المشروع الإصلاحي، وهؤلاء أيضا ساهموا في تقوية حجج المعارضين المشككين في جدية العملية الإصلاحية - التصالحية التي بدأت في 2001.
مررنا بالعام 2007 بكل ما جرى، ودخلنا العام 2008 على أمل أننا جميعا أخذنا الكثير من العبر... فنحن جميعا في سفينة صغيرة اسمها البحرين، ولا يمكن لأي طرف في هذه السفينة أن «يسحق» أو يستغني عن الآخر عبر أي من الوسائل التي أثيرت في الساحة. إنني من المؤمنين بأن فرحة 2001 يمكن أن تتكرر...وثقتي كبيرة بربان السفينة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1987 - الأربعاء 13 فبراير 2008م الموافق 05 صفر 1429هـ