أتذكر يوما في السنوات الأولى من هذه الألفية تلقيت فيه دعوة للتوقيع على بيان قاده ما كان يعرف بـ «الليبراليين الجدد»، الذي صاغ البيان هو العفيف الأخضر، أما موضوعه فهو رفض بعض فتاوى الإسلامويين الذين كانوا يروجون للفكر التكفيري والعنف، سارعت حينها للتوقيع متضامنا، لكنني سرعان ما ندمت على ذلك، إذ ضمّن العفيف الأخضر في بيانه اتهام أحد الكتاب التنويرين (راشد الغنوشي) بما ليس فيه، بل إنه ادعى عليه بنصوص كتبها في أحد إصدارته، وهو ما كان منافيا للحقيقة وخصوصا بعد أن قام الزميل حسين مرهون ببحث استقصائي في الكتاب المصدر ليتضح أن ما نسب للغنوشي غير صحيح.
وفي السياق نفسه، كان من الأولى على من وقعوا بيان مناصرة الوكيل المساعد لشئون الثقافة والتراث الوطني الشيخة مي بنت محمد آل خليفة أن يحتاطوا من الوقوع فيما وقعت فيه، وعلى من يعتزم التوقيع على بيان آخر دعما للوزير ألا يخطأوا كما أخطأت أنا وأخطأ من وقع بيان الوكيل.
بالنسبة إلى البيان الأخير وما سيتبعه من بيانات، فأتفهم جيدا أهمية وأحقية إصدار بيان دعما لموقف مثقف ما تم تهديده بالقتل، أو منع له كتاب أو قصيدة... الخ. أما أن يصدر بيان تضامن مع مسئول هيئة إدارية لمؤسسة ثقافية على خلفية صراعات إدارية داخلية في مؤسسته، فهو أشبه ما يكون بالتوقيع جبرا للخواطر ليس أكثر.
ليس هذا البيان بيان تضامن ثقافي، لكن يمكن اعتباره بيان تأكيد صداقات أو مصالح خاصة. ولا شأن للثقافة به وإن وقعه «مثقفون».
عادل مرزوق
العدد 1987 - الأربعاء 13 فبراير 2008م الموافق 05 صفر 1429هـ