العدد 1985 - الإثنين 11 فبراير 2008م الموافق 03 صفر 1429هـ

الانقلاب على النواب!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قرأنا الخميس الماضي ما اتفقت عليه اللجنة الوزارية النيابية المشتركة بشأن «علاوة الغلاء»، وتُرك الأمر ليتفاعل في الشارع لعدة أيام. وفي يوم الأحد سرّب مصدر «مطلع جدا» وجود توجّه حكومي لتوزيع العلاوة على الفقراء فقط! وهي مناورةٌ ذكيةٌ يجب ألاّ تمر على ذقون النواب، وخصوصا أنها تنسف الآلية التي اقترحتها اللجنة النيابية وأطلعت عليها نظيرتها الوزارية فيما يتعلق بتوزيع الـ40 مليون دينار.

اللجنة المشتركة يترأسها من الجانب الحكومي وزير ديوان رئيس الوزراء بعضوية عدد من الوزراء، ومن الجانب النيابي يترأسها رئيس المجلس خليفة الظهراني بعضوية اللجنة المالية والاقتصادية ولجنة المكتب بالمجلس (التي تعتبر أعلى سلطة في البرلمان كما يقول العارفون).

المصدر «المطلع جدا» ألقى الخيط وانتظر رد فعل السمك، ليختبر تصرف النواب تجاه المأزق الذي وضعتهم فيه الحكومة. فهي رفضت التسليم بأن علاوة الغلاء آلية نهائية، وإنما هي «لاتزال مقترحا لم يتم إقراره بعد»!

الحكومة حاولت أن تلعب على العواطف بالمشاركة في البكاء على الفقراء والمحتاجين، فهي تفكّر ليل نهار في «استفادة أصحاب الدخل المتدني»! ولكنها لن تنجح هذه المرة؛ لأن هذه العلاوة أقل القليل مما كان ينتظره الناس من الحكومة لمكافحة الغلاء، وخصوصا أنهم يقرأون الصحف ويشاهدون ما تبثه الفضائيات عمّا يجري حولهم في دول الجوار من زيادات وعلاوات.

المصدر «المطلع جدا» أشار إلى أن «إشراك أصحاب الدخل المتوسط والعالي سيقلل من استفادة الأسر الفقيرة»، وفي المقابل «تقليص عدد المستفيدين سيرفع مبلغ الإعانة للمحتاجين»! وهي بكائيةٌ لم تعد تطرب أحدا في هذا البلد، وتأتي خارج سياق العصر، فالشعوب لا تنتظر «مساعدة» أو «صدقة»، ولا تقبل أن تُعامَل كالمتسوّلين، وإنّما تطالبُ بجزءٍ من ثروتها الوطنية التي تراها تتبعثر أحيانا على مشروعات ترفية باذخة، بينما أضر الغلاء جميع الطبقات بمن فيهم أصحاب الدخل المتوسط والعالي بحسب توصيف «المصدر»، وإذا أردنا الدقة العلمية: الطبقة الوسطى والمتوسطة الدنيا.

المصدر «المطلع جدا» حاول وضع العراقيل مسبقا أمام العلاوة الموعودة، بحجة «أن مجلس الوزراء لا يمتلك حتى الآن المعلومات المهمة التي سيعتمد عليها في توزيع المبلغ، مثل عدد الأسر المستحقة من متقاعدين وموظفين في القطاعين العام والخاص، وكذلك أصحاب المهن الحرة»! وهو مبررٌ واهٍ ومتهافتٌ وغير مقبول. فالمصدر يعرف يقينا أن لدينا «حكومة إلكترونية»، وسجلا سكانيا يضم كل المعلومات السرية وغير السرية عن العوائل، ولدينا «قاعدة معلومات» صلبة وفريدة، والحصول على أية معلومة لا يحتاج إلى أكثر من ضغطة زر في الجهاز المركزي للإحصاء، وليس إلى «مدة زمنية لا تقل عن شهر لأنها من جهات حكومية متعددة» كما ادعى.

الحكومة ألقت السنّارة وأخذت تنتظر كيف سيتصرف السمك! ربما لكسب الوقت، أو للمناورة، وربما لهدف آخر لا نفهمه نحن المواطنون البسطاء. الكرة الآن في ملعب النواب، فماذا هم صانعون بعد أن قلبت لهم الحكومة ظهر المجن؟

صادوه!

بودنا أن نعرف كمواطنين هل كان «المصدر المطلع» يتكلّم باسمه الشخصي أم باسم الحكومة؟ وهل كان يعبّر عن أمنياته الشخصية بإذلال الناس؟ وهل يملك النواب الشجاعة لكشف هذه الورقة ليكون الناس على بلاطة؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1985 - الإثنين 11 فبراير 2008م الموافق 03 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً