العدد 1985 - الإثنين 11 فبراير 2008م الموافق 03 صفر 1429هـ

موازنة البحرين للعام 2008

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

اعتمدت البحرين موازنة توسعية للسنة المالية 2008 مستفيدة في ذلك من الطفرة النفطية. وكانت الحكومة قد أعدت موازنة السنتين الماليتين 2007 و 2008 في نهاية العام 2006، واضطرت السلطة إلى زيادة رواتب العاملين في الدوائر والهيئات الرسمية للسنة المالية 2008 بقيمة 134 مليون دينار رضوخا للمطالب النيابية وضغط الشارع، وللسبب نفسه قررت الحكومة تخصيص مبلغ 40 مليون دينار لمساعدة الأسر البحرينية المحتاجة في التكيف مع مشكلة غلاء الأسعار خلال العام الجاري.

مصروفات ضخمة

بمعنى آخر، أقرت الجهات الرسمية إجراء زيادة قدرها 174 مليون دينار لتحقيق زيادة في الرواتب ومعالجة بعض آثار الغلاء، وعليه تبلغ قيمة المصروفات المعدلة للسنة المالية 2008 تحديدا 2046 مليون دينار (أي 5413 مليون دولار). تنقسم المصروفات إلى قسمين (المتكررة والمشروعات)، خصصت الحكومة مبلغا قدره 490 مليون دينار لمصروفات المشروعات مثل تطوير شبكة الطرق والموانئ وإنشاء مشروعات إسكانية للمواطنين، ويتمثل المبلغ الباقي وقدره 1556 مليون دينار للمصروفات المتكررة لتغطية رواتب وأجور موظفي القطاع العام وأمور أخرى مثل الصيانة. وعلى هذا الأساس تستحوذ المصروفات المتكررة على 76 في المئة من مجموع المصروفات المقدرة. تعتبر هذه النسبة عالية إذ من الأفضل تخصيص المزيد من الأموال للمصروفات الإنشائية والتي بمقدورها المساهمة في تطوير البنية التحتية والتي بدورها تعتبر من الركائز الاقتصادية.

دور كبير للحكومة

يمثل الرقم المقدّر للمصروفات العامة نحو ثلث قيمة الناتج المحلي الإجمالي للبحرين بالأسعار الثابتة (أي المعدلة لعامل التضخم). يعكس هذا الرقم المرتفع نسبيا مدى تدخل القطاع العام في المسائل الاقتصادية. حسب تقرير الحرية الاقتصادية تعتبر هذه المسألة إحدى النقاط السلبية بالنسبة للاقتصاد البحريني. يشار إلى أن مؤسسة (هيريتاج فاوندايشن) وصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركيتين تصدران تقرير الحرية الاقتصادية السنوي. يعد التدخل الحكومي في الاقتصاد أحد المتغيرات العشرة لمؤشر الحرية الاقتصادية (حلت البحرين في المرتبة رقم 19 عالميا على المؤشر). ويرى التقرير بأن تواجد القطاع العام في الاقتصاد يعد أمرا سلبيا في حد ذاته ويكون عادة على حساب الحرية الممنوحة للقطاع الخاص.

الأمن والدفاع

قررت الحكومة صرف أموال طائلة على المسائل الأمنية والعسكرية (تحديدا 414 مليون دينار في العام 2008). بيد أن سيرتفع الرقم الحقيقي لمخصصات الأمن والدفاع عن الرقم المذكور نظرا لأنه لا يشمل مخصصات العسكريين فيما يخص معونة الغلاء.

المعروف بأن هناك أربع مؤسسات مسنود إليها مهمة الأمن والدفاع في البلاد وهي: وزارة الداخلية، جهاز الأمن الوطني، وزارة الدفاع، والحرس الوطني. في تفاصيل موازنة العام 2008 خصصت الحكومة مبلغا قدره 234 مليون دينار لوزارة الدفاع فضلا عن 18 مليون دينار لوزارة الحرس الوطني، إضافة إلى ذلك, تم تخصيص 148 مليون دينار لوزارة الداخلية و 14 مليون دينار لجهاز الأمن الوطني.

ويلاحظ بأن الرقم المخصص لوزارة الدفاع يعتبر الأكبر على الإطلاق بين كل الوزارات والأجهزة الرسمية. على سبيل المثال, تم تخصيص 194 مليون دينار لوزارة التربية والتعليم في موازنة 2008 والتي بدورها تأتي في المرتبة الثانية بين المصروفات المخصصة لوزارات المملكة. يشار إلى أن الحكومة لم تفصح عن الأموال المخصصة لشراء الأسلحة إذ إن الأرقام المشار إليها سلفا تغطي المصروفات المتكررة (رواتب القوى العاملة والصيانة والخدمات). وعليه فإن الإحصاءات الحقيقية لمصروفات الأمن والدفاع أكثر من الرقم المشار إليه سلفا.

الاعتماد على النفط

تبلغ قيمة الإيرادات المقدرة 1688 مليون دينار (4466 مليون دولار). من المفترض أن يساهم القطاع النفطي بنحو 1241 مليون دينار أي 74 في المئة من مجموع دخل الخزانة العامة. يشار إلى أن القطاع النفطي ساهم 77 في المئة من مجموع إيرادات الخزانة للسنة المالية 2006 (وهي آخر سنة تتوافر عنها إحصاءات فعلية).

تحصل البحرين على إيراداتها النفطية من ثلاثة مصادر وهي: حقل أبوسعفة، حقل البحرين، ومبيعات الغاز. يساهم حقل أبوسعفة بنحو 80 في المئة من مجموع الدخل النفطي. تتقاسم البحرين تتقاسم إنتاج حقل أبوسعفة مع الجارة والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية (يبلغ إنتاج الحقل 300 ألف برميل في اليوم).

إضافة إلى الدخل النفطي، تحصل الخزانة على إيرادات أخرى من الضرائب على الواردات فضلا عن الرسوم على الخدمات الحكومية ومبيعات المنتجات مثل الكهرباء وعوائد الاستثمارات فضلا عن الإعانات من دول الجوار.

عجز غير واقعي

افترضت موازنة تسجيل عجز مالي قدره 358 مليون دينار (947 مليون دولار). بيد أنه من المتوقع أن يتم تحويل العجز المتوقع إلى فائض فعلي بسبب ارتفاع أسعار النفط. يتوقع أن يرتفع الدخل الحقيقي النفطي بشكل نوعي نظرا لأن الحكومة تبنت رقما محافظا قدره 40 دولارا لبرميل النفط الخام أي أقل من نصف الرقم السائد في الأسواق العالمية.

تعتمد البحرين سياسة مالية عامة محافظة تتمثل في تقليل الإيرادات وتضخيم المصروفات المقدرة. بيد أنه تتغير النتائج النهائية بشكل ملحوظ في نهاية المطاف كما حدث في السنة المالية 2006، فقد تم تحويل العجز المتوقع وقدره 428 مليون دينار إلى فائض حقيقي حجمه281 مليون دينار (743 مليون دولار).

تؤكد الإحصاءات المتوافرة بأن الاقتصاد البحريني واقع تحت رحمة التطورات في السوق النفطية العالمية على رغم كل الحديث عن التنوع الاقتصادي. يساهم القطاع النفطي بأكثر من 70 في المئة من دخل الخزانة ويلعب دورا محوريا في تسجيل عجز مالي من عدمه. المعروف بأنه ليس بمقدور البحرين التأثير على حركة أسعار النفط، بل إنها ليست عضوا في منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك). المطلوب من السلطات تنويع مصادر الدخل لغرض تقليل الاعتماد على القطاع النفطي.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1985 - الإثنين 11 فبراير 2008م الموافق 03 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً