العدد 1984 - الأحد 10 فبراير 2008م الموافق 02 صفر 1429هـ

توزيع ثروة وليس معونة شتاء!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

طريقة فتح مراكز لتسجيل أسماء أبناء الشعب للحصول على «علاوة غلاء» مؤقتة لعام واحد فقط، خبرٌ يمكن أن ينشر في البلدان الأخرى في صفحات الأخبار الخفيفة التي لا توجع القلب، أما في بلادنا فيأخذ طريقه للمانشيتات ليرفع من ضغط المواطن!

فتح «مراكز تسجيل» يمكن أن يكون مبرَّرا في دول وسط القارة الإفريقية التي ليس لها ساحلٌ أو منفذٌ على العالم، أما في بلدٍ أراد تطبيق التصويت الالكتروني في الانتخابات السابقة، ولم يوقفه سوى المعارضة الشديدة من القوى السياسية خشية التزوير والتلاعب في النتائج، فكيف يحتاج هذا البلد إلى مراكز تسجيل بدائية متخلّفة لأسماء المواطنين؟

عموما، الإشكال واردٌ على الجهتين، السلطة التنفيذية والتشريعية معا، فلا يمكن قبول اصطفاف طوابير المواطنين في مراكز عامة من أجل خمسين دينارا، بينما نرى بقية دول الخليج الشقيقة تقرّ زيادة الرواتب وتحوّلها إلى حسابات مواطنيها دون «دوشة» أو فتح مراكز لإذلال البشر.

لا ندري نخاطب من لحلّ هذه العقدة؟ النواب الذين وضعوا معايير الاستحقاق واقترحوا الإجراءات، أم الحكومة التي يبدو انها تفكّر في الانقلاب على الاتفاق الذي وقعته مع النواب قبل أن يجف حبره؟ فالمعروف أن هناك لجنة حكومية برلمانية مشتركة انتهت إلى الاتفاق على التفاصيل التي نُشرت الخميس الماضي، إلاّ أن مصادر حكومية «مطلعة» سرّبت ان هذه الآلية غير نهائية، في محاولةٍ للإيحاء بتوجّه الحكومة لإفادة أصحاب الدخل المتدني فقط»... وهو انقلابٌ بمعنى الكلمة عمّا تم الاتفاق عليه مع ممثلّي الكتل.

إذا كان قلب الحكومة يخفق إلى هذه الدرجة بحبّ الفقراء، فلترفع مخصّصاتهم المالية التي يتلقونها من وزارة التنمية الاجتماعية، ولكن هذه المعونات تختلف جوهريا عن علاوة «الغلاء» الذي مسّ كل الفئات وطال كل السلع والمواد والخدمات. هذه العلاوة يجب النظر إليها على أنها خطوةٌ «بدائيةٌ» جدا على طريق إعادة توزيع الثروة العامة، وهو همٌ خليجيٌ عامٌ طرحه المشاركون في منتدى التنمية الخليجي الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين في عاصمتنا المنامة.

ويجب الاعتراف ابتداء بأن عملية «توزيع الثروة» في حدودها الدنيا، تجري في دول الخليج الأخرى بشكل أفضل وأكثر حضارية، عن طريق زيادة الرواتب مباشرة لينتفع المواطن بخيرات بلده، بينما على المواطن البحريني أن يتسوّل حتى آخر قطرة من ماء وجهه، حتى يحصل على الفتات، وكأنه يتسلم «معونة شتاء».

بعض النواب التفتوا إلى هذه الثغرة المعيبة، فاقترحوا التسجيل عن طريق الانترنت، وهو إجراءٌ يعترف بالمشكلة، ولكنه لا يضمن حلها، لعدم توفر خدمة الانترنت لدى عدد كبير من الأسر. والسبيل الأسلم أن يبحثوا -حكومة ونوابا - عن طريق يضمن الالتزام بشروط الاستحقاق، ليصل هذا الجزء البسيط من الثروة العامة ليد المواطن الذي أنهكه الغلاء. فالفكرة من الأساس تخفيف حدة الغلاء وتطويق مضاعفاته على استقرار الأسرة وأمن الوطن، وليس إضافة قوائم جديدة من الأسر المستحقة لمساعدات وزارة التنمية.

النواب أمام امتحانين اليوم، إلغاء مراكز التسجيل التي اقترحوها بتوفير بدائل أنسب وأصلح حفاظا على كرامة 80 ألف رب أسرة بحرينية؛ وأن يجاهدوا لئلا تطير الـ 40 مليون دينار لتعود إلى الخزائن المظلمة فتبتلعها الثقوب السوداء مرة أخرى.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1984 - الأحد 10 فبراير 2008م الموافق 02 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً