يرى الكثير من المؤسسات الدولية والمستقلة أن حكومة كرزاي ينخرها الفساد وليس من مصلحة الكثير من المتنفذين فيها معالجة الموضوع بشكل جدي. تشير إلى مثل هذه الحالة المتردية ممثلة الأمم المتحدة المكلفة مكافحة المخدرات في أفغانستان كريستينا أوغوز لوكالة فرانس برس قائلة: «إن هذا البلد لا يبذل جهودا كافية في مكافحة الفساد الذي يسمح باستمرار تجارة المخدرات». وقالت: «إن القضاء على زراعة الخشخاش في هذا البلد الذي يؤمن تسعين في المئة من الإنتاج العالمي من الأفيون يحتاج الى عقود».
إن انتعاش صناعة المخدرات يشكل التهديد الأكبر للاستقرار في أفغانستان وبات مرتبطا اكثر فأكثر بغياب الأمن والنشاطات الإرهابية.
وأكدت أوغوز «نحتاج إلى التحرك الآن، والكلام لا يكفي وإن جهودا قليلة تبذل في الواقع لمكافحة الفساد. ويغذي الفساد صناعة المخدرات. فالمزارعون يدفعون رسما يبلغ 10 في المئة الى مسئولين محليين او إلى حركة طالبان. وتضاف الى ذلك عمولات تدفع خلال عملية انتاج المخدرات وبيعها. ويستفيد المزارعون من أقل من ربع عائدات المخدرات التي تبلغ 4 مليارات دولار وهو مبلغ يعادل أكثر من إجمالي الناتج الداخلي لأفغانستان».
وعبرت أوغوز عن استيائها لأن «اشخاصا يقودون سيارات فخمة وغالية الثمن ويعيشون في فيلل باهظة الثمن ولديهم دخل قليل جدّا ولا أحد يسأل من أين يأتي كل هذا».
أما اللجنة المكلفة إعداد خطة خمسية عن إعادة إعمار أفغانستان، التي تشهد حروبا منذ 30 عاما، فقد كتبت في وثيقة لها إن «تجارة المخدرات تمول الارهاب وتعزز الارهاب وتقوض تطبيق القانون». وأضافت «ان مهربي المخدرات يؤمنون الأسلحة والتمويل والعناصر للمتمردين بينما يحمي موظفون فاسدون طرق المخدرات وحقول الخشخاش والأشخاص الذين يمارسون هذه النشاطات».
ويساهم استشراء الفساد في صفوف المسئولين الأفغان، ومن بين بينهم مسئولون بارزون، في تنامي تجارة المخدرات مقابل الرشا، وفق تقرير حديث أصدرته الأمم المتحدة، قدم اتهاما في العام السابق ضد الأخ الشقيق لحليف الاحتلال حميد كرزاي الذي نصب رئيسا لأفغانستان من جهة واشنطن.
ويرحب أمراء الحرب الموالين للحكومة، بجانب الإقطاعيين من أصحاب مزارع الأفيون، بحالة عدم الاستقرار والفوضى الأمنية التي يخلقها الاحتلال في البلاد، ما يقوض جهود القضاء على زراعة الأفيون.
وقدرت مصادر غربية وأفغانية أن إنتاج أفغانستان من الأفيون تزايد بواقع 59 في المئة خلال العام 2006 وامتدت زراعته على مساحة 407 آلاف هكتار، أنتجت محصولا قياسيّا بلغ 6100 طن كافية لصناعة 610 أطنان من الهيروين وهو ما يقدر بـ 90 في المئة من الإنتاج العالمي، وتتوقع تلك المصادر أن تنتج أفغانستان محصولا مماثلا هذا العام في ظل الإحتلال وحكومة كرزاي. وقدر الرئيس التنفيذي لمكتب مكافحة المخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة أنطونيو ماريا كوستا القيمة السوقية للإنتاج بـ 3,5 مليارات دولار، جنى منها المزارعون الأفغان قرابة 700 مليون دولار خلال العام 2007.
لكن على رغم كل تلك الأرقام، يواصل الفقر والمرض نشب أنيابهما في أفغانستان، ففي مطلع العام 2008 أطلقت الأمم المتحدة والحكومة الأفغانية نداء مشتركا ناشدتا فيه المجتمع الدولي توفير مبلغ 80 مليون دولار لمساعدة نحو 2,5 مليون شخص يواجهون نقصا في الغذاء بسبب ارتفاع أسعار القمح.
ويعتبر الخبز غذاء رئيسيّا لمعظم السكان، كما يعد القمح أحد أهم الحبوب محليّا، وارتفعت أسعار دقيق القمح العام الماضي في البلاد بنحو يتراوح ما بين 58 في المئة و 80 في المئة في بعض المناطق.
وبحسب الحكومة الأفغانية وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية واليونيسف، توجد حاجة ماسة إلى تقديم المساعدات الغذائية لمنع الوضع من التدهور. وقال الممثل الخاص للأمين العام في أفغانستان بالإنابة، بو آسبلند: «إن هذا النداء المشترك صادر نيابة عن 425,000 أسرة أفغانية فقيرة، لن تستطيع تلبية احتياجاتها الأساسية وخصوصا خلال فترة الشتاء.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1984 - الأحد 10 فبراير 2008م الموافق 02 صفر 1429هـ