وجهت وزارة الاعلام - في سابقة هي الأولى من نوعها - دعوة لمنظمة «مراسلون بلا حدود» لزيارة البحرين والالتقاء برؤساء تحرير الصحف وبمن شاءوا من منظمات المجتمع المدني والحقوقيين المعنيين بحرية التعبير عن الرأي. ويوم أمس احتفت الوزارة بالوفد في فندق الخليج على وجبة غداء جمعت العديد من الشخصيات، وكان حاضرا كلّ من وزير الإعلام جهاد بوكمال ووكيل الإعلام الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة ومستشار جلالة الملك للشئون الثقافية محمد جابر الأنصاري. ونشرت وكالة أنباء البحرين تصريحا لوزير الإعلام رحب من خلاله بالمنظمة معلنا «استعداد الوزارة الكامل للتعاون مع منظمة مراسلون بلا حدود وغيرها من المنظمات الدولية المعنية بالشأن الصحافي من أجل الوصول إلى صحافة أكثر مهنية قادرة على تعميق الممارسة الديمقراطية فى المجتمع»، مشيرا إلى «دعوة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين لإيجاد قانون مستنير يكفل حرية الصحافة وإيصال الكلمة النزيهة المسئولة كضمانة للديمقراطية، وتوجيه سمو رئيس الوزراء للوزارات والأجهزة الحكومية إلى التفاعل الإيجابي مع الصحافة». وقال بوكمال خلال لقائه وفد المنظمة برئاسة أمينها العام روبير مينار: «إن حرية الرأي والتعبير المستندة إلى حكم القانون تشكل عماد التجربة الديمقراطية فى البحرين».
وكانت المنظمة قد غطّت شئون البحرين والمنطقة باستمرار وبصورة حرجة... وفي الشهر الماضي وقّعت مع دولة قطر، اتفاقا للتعاون والشراكة بين «مركز الدوحة لحرية الإعلام» و«منظمة مراسلون بلا حدود»، والمركز أنشأته حكومة قطر قبل التوقيع على الاتفاق «لتعزيز الحرية الإعلامية والدفاع عن الصحافيين المضطهدين» كما جاء في بيان رسمي. ونقلت المصادر الإعلامية تصريحات عن مسئولين قطريين قولهم إن اتفاق الشراكة يهدف إلى «استعادة الإعلاميين حقوقهم في مختلف دول العالم»، وأن «منظمة مراسلون بلا حدود ستكون شريكا في نشر ثقافة حرية الصحافة والإعلام وفي الدفاع عن الصحافيين والإعلاميين الذين يتعرضون للمضايقات والاعتقالات وسوء المعاملة بسبب نشاطهم المهني». كما قال - حينها - الأمين العام للمنظمة الفرنسية إن المركز سيكون «الأول من نوعه» و «سيكشف خروقات حرية الصحافة في كل الدول وسينشرها للضغط ضمانا لحرية الإعلام»، وسيكون موقعا للحوار والنقاش بين المعنيين بحرية الإعلام، وسيتضمن قسما «للذاكرة»و «سيعنى بذكرى شهداء الإعلام»، كما سيضم مكانا لاستقبال الصحافيين المضطهدين في أوطانهم وسيُعنى بنشر معلومات عنهم.
منظمة «مراسلون بلا حدود» أكدت أنها لن تتهاون في مهنيتها عند انتقال جزء من نشاطها إلى الخليج، وأنها ستدافع عن حرية الصحافيين براديكاليتها الفرنسية المعروفة عنها، ومن دون شك فإن الحدث يعتبر خروجا على المألوف، إذ إنه لا توجد حاليا في الخليج فروع مهمة لمنظمات حقوقية عالمية. وفي العادة تتمكن الحكومات الخليجية من استيعاب واحتواء الطاقات ذات التأثير في بلدان أخرى، ويتم اختصار نشاطات من هذا النوع في قضايا بحثية أو نظرية، أو تخصيص النشاطات للاهتمام بقضايا خارج إطار المنطقة أو البلد المضيف. وربما أن مثل هذه النظرة ليست صحيحة وأن الأيام المقبلة ستثبت أن بلداننا الخليجية تتحمل وجود منظمات حقوقية كبيرة التأثير، وأن الدنيا تغيرت... ربما.
على أية حال، فإن دعوة وزارة الإعلام البحرينية لوفد من المنظمة زيارة البحرين والالتقاء بمن أرادوا يُعبّر عن شجاعة وانفتاح لم نعرفهما من قبل عن وزارة تُعتبر من الوزارات التي يكاد الروتين يقضي عليها وتكاد الثقافة القديمة تهلكها... ولعلَّ التغيير الأخير في بعض قياداتها سيعطينا الانفتاح الإعلامي الذي طال انتظاره كثيرا... فما لدينا إنما هو انفتاح صحافي فقط، أما وسائل الإعلام الأخرى فهي مازالت محتكرة، وتلفزيون البحرين مملّ، والإذاعة تسابق التلفزيون في تمليل المواطنين. لعلَّ الزيارة فاتحة خير لنا في البحرين، فالوزارة التي لا تخشى وجود وفد منظمة حقوقية في هذا المجال ربما انها بدأت فعلا التحرك نحو الإصلاح الواسع الذي نسعى إليه جميعا منذ سنوات طويلة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1984 - الأحد 10 فبراير 2008م الموافق 02 صفر 1429هـ