العدد 1983 - السبت 09 فبراير 2008م الموافق 01 صفر 1429هـ

مصنع الشفاء قصف بالصواريخ والإيدز يفتك بالأفارقة...صناعة الدواء بين الحاجة والاحتكار

يقال عادة إن الدول الإفريقية تعاني من «الجهل والفقر والمرض»، وهي متلازمة يصعب الفك فيما بينها، فالعلاج يحتاج إلى المال والعلم معا، ولكن شركات الأدوية العالمية تحتكر هذه الصناعة وتسمح لنا بصنع القليل فيما كان نصيب من حاول كسر هذا الاحتكار القصف بصواريخ كروز.

ففي 22 أغسطس/ آب العام 1998 قصفت أميركا بالصواريخ مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم، وهو المصنع الذي أنشئ بالتعاون مع ألمانيا، بزعم أنه ينتج أسلحة كيماوية وأن له صلة بشبكة «القاعدة».

وكشفت التحقيقات اللاحقة أن المصنع خاص بالأدوية وأنه ينتج ثلثي الأدوية المستعملة في السودان وليس مؤسسة عامة للصناعة العسكرية بل هو من القطاع الخاص وصاحبه رجل الأعمال السوداني صلاح إدريس الذي يتمتع بعلاقات وطيدة بعدد من عناصر المعارضة السودانية وله صلات وثيقة بالمصرف التجاري الوطني السعودي وليس ببن لادن.

وبقصف المصنع حرم الملايين من السودانيين من دواء الكلوروكين (العلاج المعتاد ضد مرض الملاريا). وكان المصنع المؤسسة الوحيدة التي تنتج أدوية ضد مرض السل والمكرسة لأكثر من مئة ألف مريض بسعر نصف جنيه استرليني كل شهر. أما الأدوية المستوردة للغرض نفسه فكانت أغلى ثمنا وبالتالي لا يمكن لغالبية أولئك المرضى الحصول عليها.

مصنع الشفاء هو أيضا الوحيد الذي يقوم بتصنيع الأدوية البيطرية في السودان وكان يختص بإنتاج أدوية ضد الطفيليات التي تنقل من الحيوان إلى الراعي والتي تشكل أحد أسباب الوفيات الرئيسية لدى الأطفال في السودان.

وتساءل الكاتب الأميركي والباحث في مجال اللسانيات الأستاذ نعوم تشومسكي في كتابه «تشريح الإرهاب»: «ماذا كان يمكن أن يكون رد الفعل لو أن بن لادن قام بتدمير نصف الاحتياطات الصيدلانية الأميركية والمنشآت المكرسة لإعادة إنتاجها؟».

وبحسب مصدر في قطاع الأدوية والكيماويات بوزارة الصناعة السودانية فإن مصانع الأدوية الأخرى تغطي حاجة السوق المحلية بنسبة 50 - 60 في المئة ويمكن رفع إنتاجها إذا عملت بكامل طاقتها التصميمية. ووصف المصدر سوق إنتاج الدواء في السودان بأنها صغيرة يبلغ حجمها ما بين 80 و100 مليون دولار إذا ما قورنت بالسوق المصرية التي يبلغ حجمها 103 مليارات دولار.

وفي الشأن الإفريقي عموما، أعلنت مجموعة «روش» العملاقة للصيدلة، عن أول خطوة لنقل التكنولوجيا، من المنتظر أن تساعد الشركات الإفريقية على إنتاج أدوية بديلة لمكافحة الايدز محليا. وقالت المجموعة في سبتمبر/ أيلول العام 2007، إنها ستوفّر مجانا لثلاث شركات الإمكانات التقنية لتصنيع دواء بديل لمقاومة الفيروس الذي يؤدي للإصابة بمرض الايدز.

في بداية العام 2006، أعلنت مجموعة روش، المتعددة الجنسيات والتي تتخذ من بازل شمال سويسرا مقرا، عن مبادرة جديدة تعمل على نقل مجاني للمعارف والتكنولوجيا الضرورية لإنتاج دواء Saquinavir، وهو دواء بديل يتصدى لفيروس الايدز إلى عدد من البلدان الفقيرة.

وفي 22 سبتمبر 2007، أعلنت روش، أن العملية قد أنجزت لفائدة 3 شركات إفريقية، وهي Aspen Pharmacare في جنوب إفريقيا وCosmos وUniversal في كينيا. وقالت المجموعة، إن 22 مجموعة في 14 بلدا من بينها، غانا وزيمبابوي ونيجيريا، أبدت اهتماما بالمبادرة.

وتوصي منظمة الصحة العالمية باستعمال دواء Saquinavir باعتباره وسيلة علاجية (من الخط الثاني) أي داعمة، وخصوصا في البلدان ذات الموارد المحدودة، إذ يعيش 69 في المئة من الأشخاص المصابين بمرض الايدز على المستوى العالمي، ويوجد غالبية هؤلاء (40 مليون شخص) في البلدان الإفريقية، الواقعة تحت خط الاستواء.

ويشرح المسئول عن قطاع الأدوية المضادة للايدز في منظمة الصحة العالمية بيتر غراف لـ «سويس انفو» الأسباب الكامنة وراء تأييد منظمته لمبادرة روش بالقول: إن «روش لا تتخلى عن براءة الاختراع فحسب، لكنها تتحمل أيضا مسئولية الدعم التقني، هذا لا يعني أن كل المشكلات حلت، إذ يجب على الشركات الآن تصنيع الدواء، كما نريد معرفة السعر المقبل له ونود أيضا أن يخضع لاختبار الجودة من طرف منظمة الصحة العالمية».

وأضاف غراف، أن توفير دواء Saquinavir لا يكفي لوحده لحل المشكلة، إذ إن منظمة الصحة العالمية لا تنصح باستعماله لوحده بل مع أدوية أخرى مثل Ritonavir، الذي تنتجه مختبرات Abbott الأميركية.

العدد 1983 - السبت 09 فبراير 2008م الموافق 01 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 7:38 ص

      الله غالب

      اموال قارون عند العرب قاله الهواري بومدين رحيمه الله والفلسطنين والافارقة يعانون الجزائر مع فلسطين ظالمة او مظلومة

اقرأ ايضاً