استنادا إلى ممثل المنظمة لدى أفغانستان، سيرج فيرنياو فإن «تنمية قطاع الزراعة التي تعتمد على السوق والدعم وخلق أنماط معيشية بديلة لملايين الأفغان الذين عانوا جراء الحرب والحرمان، تشكل اسهاما مهما لتحقيق السلام والإستقرار في البلاد».
وأضاف أن «قطاع الزراعة في أفغانستان لم يكن يحظى بالدعم العاجل الذي تتطلبه على رغم أن نحو 85 في المئة من سكان البلاد ما زالوا محرومين من فرص الحصول على الغذاء».
ويرى فيرنياو أيضا أن «أفغانستان - على سبيل المثال - باستطاعتها أن تصبح مُصدّرا لبعض أنواع البندق والأصماغ المنتجة بيولوجيا، لذلك لابد من تأمين الظروف المواتية للمزارعين فيها لانتاج مايحتاجونه بمايتماشى مع معايير المنتجات الدولية».
وإلى جانب الزراعة، وعلى المستوى الحرفي، هناك قطاع صناعة السجاد التي كانت تشتهر بها البلاد، والذي يمكن أن يشكل عنصرا أساسيا في إعادة بناء الاقتصاد في ذلك البلد الواقع في آسيا الوسطى والذي تحيط به اليابسة من جميع الاتجاهات.
يذكر أن أكثر من مليون شخص من سكان أفغانستان يعملون في قطاع صناعة السجاد، أي حوالي 3 في المئة من السكان، وأن هناك ملايين آخرين يعملون في الصناعات ذات الصلة، مثل إنتاج الصوف وقطعه وغسله وتصميمه لأن هذه الصناعات المهيمنة تنمو نموا كبيرا وتمتلك إمكانات كبيرة لتصدير ما تنتجه، إذ بات قطاع السجاد يحظى باهتمام كبير من قبل الحكومة الأفغانية ومن منظمات دعم القطاع الخاص.
وقد باعت أفغانستان في العام 2005 في الخارج كمية بلغت قيمتها 140 مليون دولار من السجاد، وهي أكبر كمية من الصادرات الرسمية. وإذا ما تمكنت أفغانستان من استعادة جزء من صناعتها من السجاد التي هاجرت إلى باكستان، فإن حجم هذه الصناعة سيتضاعف. وذكرت دراسة أجريت بتكليف من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن قيمة صادرات أفغانستان من السجاد، التي يتوقع أن تنمو بنسبة 11 في المئة سنويا، ستبلغ 350 مليون دولار بحلول العام 2015.
وكانت أفغانستان تعتبر لقرون طويلة رائدة في إنتاج السجاد على مستوى العالم. ولكن العديد من صانعي السجاد الأفغان فروا إلى باكستان بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة. لكن، ومنذ الإطاحة بنظام طالبان في العام 2001، عاد حوالي 60 في المئة من صناع السجاد الذين فروا إلى وطنهم وباتوا ينتجون سجاجيد رائعة الجمال.
أما زارعة وتجارة الأفيون فقد ازدهرت بصورة واسعة في جميع أنحاء البلاد منذ سقوط حركة طالبان في العام 2001 إذ جني منها المزارعون الأفغان 750 مليون دولار. وبيعت المادة بـ 50 مليار دولار في شوارع العالم، تحديدا في أوروبا، وفق تقرير للأمم المتحدة.
ومن المعروف أن عائدات المخدر تنعش الحركات المسلحة إذ يبسط قادة طالبان حماية على المزارعين في أهم مناطق زراعته في إقليمي «هليمند» و»قندهار» مقابل «أتاوات» تتراوح بين 30 إلى 40 في المئة من عائداته. وتستخدم العائدات لتجنيد مقاتلين جدد. ويجمع الخبراء أن نجاح القضاء على زراعة الأفيون في أفغانستان قد يستغرق عقودا كاملة. ويرى العديد من المسئولين الأفغان أن القضاء على زراعة الأفيون معضلة للعالم الخارجي وليست قضية محلية إذ يوجد قرابة 150 ألف أفغاني مدمن مقارنة بثلاثين مليون نسمة. ويقع الرئيس الأفغاني حامد كارزاي بين مطرقة تشجيع جهود القضاء على الأفيون باستخدام مبيدات الأعشاب ليفقد بذلك دعم 3 ملايين شخص تمثل زراعته مصدر دخلهم الوحيد وسندان التقاعس عن ذلك ليشاهد بنفسه تقويض حكومته على يد الحركات المسلحة التي يمولها المخدر.
ويشخص المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة لشئون مكافحة المخدرات والجريمة أنطونيو ماريا كوستا، الحالة في أفغانستان قائلا: «تعمل أموال الأفيون على إفساد المجتمع الأفغاني من القمة إلى القاعدة. وبفضل التواطؤ على أعلى المستويات أصبح في الإمكان توفير آلاف الأطنان من المواد الكيميائية الأولية اللازمة لإنتاج الهيروين، ونقلها بالشاحنات إلى داخل البلاد. وتنقل القوافل المسلحة الأفيون الخام في كل أنحاء البلاد من دون أن يعترض سبيلها شيء. حتى أن سيارات الجيش والشرطة تشارك في عمليات النقل هذه في بعض الأحيان. ويضمن السلاح والرشوة مرور الشاحنات عبر نقاط التفتيش. وتتدفق مستحضرات الأفيون بحرية عبر الحدود إلى إيران، وباكستان، ودول أخرى في وسط آسيا».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1983 - السبت 09 فبراير 2008م الموافق 01 صفر 1429هـ