العدد 2286 - الإثنين 08 ديسمبر 2008م الموافق 09 ذي الحجة 1429هـ

يجب على العرب أن يتصرفوا لا أن ينتظروا أوباما

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

ستكون جميع العيون مركّزة على القرارات المبكرة التي سيتخذها الرئيس المنتخب باراك أوباما ليس لأن التوقعات في أرجاء الشرق الأوسط كافة مرتفعة جدّا ولأن الحاجة إلى التغيير عظيمة جدّا خلال الشهرين المقبلين. ولكن بالضبط لأن الحاجة عظيمة جدّا، أعتقد أنه يجب على زعماء المنطقة أن يكونوا أكثر من مجرد مراقبين خلال هذه الفترة الانتقالية الحرجة. وهذا صحيح بشكل خاص فيما يتعلق بالجهود لتحقيق سلام إسرائيلي فلسطيني.

الضرر الناتج عن ثماني سنوات من الإهمال والتهور من حكم الرئيس بوش واضح جدّا. البيت الفلسطيني مشتت والقيادات في الضفة الغربية وقطاع غزة منفصلة فعليّا وعقائديّا.

أما غزة تحت سيطرة حماس فيجرى خنقها من قبل حصار عدائي ظالم وبهدنة تأتي وتذهب، تتخللها فترات من قصف الصواريخ والهجمات الإسرائيلية. كذلك يجرى خنق الضفة الغربية نفسها ببطء من قبل توسع استيطاني لا ينتهي، ومئات من الحواجز ونقاط التفتيش المذلّة التطفّلية، وجدار/ سياج عدواني يتلوى كالأفعى داخل الأراضي الفلسطينية وحولها.

التوجهان اللذان اختارتهما القيادتان مفعمان بالأخطاء، على رغم تناقضهما. جعلت حماس من «المقاومة» دينا وعقيدة لم تحقق سوى الموت والمصاعب للفلسطينيين وانعدام الأمن في «إسرائيل» وتعزيز سياسات «إسرائيل» المتشددة.

في هذه الأثناء، أصبح التزام السلطة الفلسطينية تجاه جيرانها، على رغم أنه جدير بالثناء، عديم الفائدة، إذ إن التفاوض في غياب قوة مضاعفة (ومن دون سيطرة على القاعدة الشعبية التي يجرى التفاوض لأجلها) ممارسة فارغة جوفاء.

لقد صرح باراك أوباما في أكثر من مناسبة أنه سيجعل من السلام الإسرائيلي الفلسطيني أولوية، وأنه سيتخذ سبيلا مختلفا عن السبيل الذي اتبعه الرئيس الذي سبقه. ولكن إذا أردنا توخي الصدق مع أنفسنا، يجب علينا أن نعترف أنه عندما يؤدي أوباما قسم الرئاسة يوم 20 يناير/ كانون الثاني، فمن الأرجح أن يجد وضعا لا يفتح النفس أمامه في الشرق الأوسط.

وإذا لم يتغير شيء في الشهرين المقبلين فسوف يبقى البيت الفلسطيني منقسما، وسيبقى الإسرائيليون من دون حكومة ومن دون تكليف واضح (تجرى الانتخابات هناك في 10 فبراير/ شباط، وتشير جميع المؤشرات إما إلى نصر للمتشدد بنيامين نتنياهو أو إلى تجميع ضعيف لتحالف وسطي واهن).

السؤال إذا هو هل يمكن عمل أي شيء قبل أن تأتي الإدارة الجديدة، وإذا كان ذلك صحيحا فكيف نبدأ؟ ولأنني أومن أن بالإمكان اتخاذ خطوات، من قبل العرب على الأقل لتنظيم بيتهم الداخلي قبل 20 يناير فيجب على زعامة المنطقة أن تستخدم الشهرين المقبلين بحكمة.

يجب أن تكون الأولوية الأولى تحقيق التسوية الفلسطينية وإنشاء حكومة فلسطينية فاعلة ومتحدة تستطيع الحصول على الدعم الشعبي واحترام المجتمع الدولي. وسوف يحتاج ذلك إلى أكثر من اجترار لاتفاقيات مكة المكرمة.

توفر مسودة المقترح التي يجرى تدويرها في القاهرة إطارا مفيدا، يركز على إعادة بناء حكومة إجماع وقوة أمن. الالتزام من قبل كلتا القيادتين الفلسطينيتين أساسي بالطبع، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن. بدلا من التهديدات الجوفاء بالعقوبات أو «القدح والذم» يجب على القيادة العربية أن توجه حوافز للقبول.

من الواضح أن ما تحتاج إليه الضفة الغربية وغزة وبشكل يائس هو إيجاد فرص عمل ومشاريع بناء القدرات إضافة إلى المعونة الفورية. يشارك العرب في جهود دولية لدعم موازنة السلطة الفلسطينية إلا أن ذلك لا يساعد على الإبقاء على الوضع الراهن غير المقبول.

وحتى يتسنى تحريك العملية قدما أقترح إيجاد «صندوق حوافز سلام وتسوية» ضخم مكون من بضع مليارات من الدولارات، يوفر معونة فورية واستثمارات لإيجاد فرص عمل لدى موافقة الأطراف على إجماع مثل إجماع القاهرة. الهدف النهائي للصندوق هو دعم الشعب الفلسطيني وإيجاد الحوافز والضغط على قياداته المفرّقة للاتفاق على حكومة جديدة تكون وبدعم عربي مستعدة وقادرة على صنع السلام.

إضافة إلى ذلك تصنع جامعة الدول العربية خيرا إذا قامت، بدلا من مجرد تكرار تأكيد خطة السلام التي طرحت العام 2002 و2007، بتوسيع هذه الخطة من خلال «إضافة اللحم إلى العظم». تستطيع، على سبيل المثال أن تضع بتفصيل أكبر أنواع الاستثمارات و/أو الحوافز التجارية التي ترافق السلام النهائي و/ أو التطبيع. وتستطيع حتى إيجاد برنامج زمني متوالٍ (مثلا، مع توقيع الإطار الإسرائيلي الفلسطيني تحصل المرحلة الأولى، ومع إزالة المستوطنات والحواجز ونقاط التفتيش التزاما بالاتفاقية تحصل المرحلة الثانية، وهكذا).

لقد اجتذبت الخطة العربية ليس فقط اهتمام الإدارة الأميركية المقبلة وإنما كذلك اجتذبت الكثيرين في «إسرائيل». لذا فإن وضع الفوائد والرؤية التي ترافق السلام النهائي ستكون له فوائد عظيمة.

إضافة إلى قَسَم الرئاسة يوم 20 يناير لباراك أوباما، الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، هناك موعدان آخران يقتربان بسرعة كبيرة. يجب التوصل إلى اتفاق فلسطيني بحلول التاسع من يناير، وهو التاريخ الرسمي لانتهاء رئاسة محمود عباس، أو يصبح الوضع الفلسطيني الداخلي الهش أكثر نزاعية. كذلك فإن انتخابات العاشر من فبراير في «إسرائيل» لها أهمية مساوية.

سيعمل التحرك السريع باتجاه تحقيق الإجماع الفلسطيني وبشكل معزز وموسع لمبادرة السلام العربية على إزالة المخاطر التي يُشكلها التاريخ الأولي ويكون لها وقع إيجابي على التاريخ الثاني.

* مؤسس ومدير المعهد العربي الأميركي، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2286 - الإثنين 08 ديسمبر 2008م الموافق 09 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً