العدد 1982 - الجمعة 08 فبراير 2008م الموافق 30 محرم 1429هـ

الأمن «الغالي»

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

من بين أبرز القضايا التي تمت إثارتها في منتدى التنمية لدول الخليج العربية الذي استضافته البحرين الأسبوع الماضي موضوع توزيع الثروة النفطية وتوجيهها للتنمية في دول الخليج. فالمشاركون - الذين وصل عددهم إلى نحو مئة شخصية خليجية - يرون أن دول الخليج من دون استثناء تعاني من سوء في توزيع الثروة النفطية على مواطنيها. فلا رقيب على هذه الثروة التي شاء الله تعالى أن تكون موجودة في هذه البقعة بالذات من الأرض، ولا ضمان حقيقيا أن تبقى هذه الثروة للأجيال القادمة التي ستولد على هذه الأرض ومن حقها أن تتمتع من خيراتها أيضا، بدلا من استنزاف تلك الثروة من دون تحديد من هم المستحقون لها فعلا.

بعض الحضور اقترح إنشاء صندوق لضمان توزيع هذه الثروة توزيعا عادلا في دول الخليج، وتوجيه العوائد النفطية لمشروعات تنموية تساهم في نهضة المجتمع «إنسانيا» وليس اقتصاديا فقط. ويكون ذلك من منطلق الابتعاد عن «الإغراق الخليجي» في الاهتمام بالقضايا الأمنية والاقتصادية على حساب الاهتمام بالقضايا التنموية والاجتماعية، أو بعبارة أخرى تلك المرتبطة بالإنسان نفسه.

ولو أردنا أن نتحدث عن الإنسان الخليجي في هذا العصر، فلا بد أننا سنسطر قائمة طويلة من التحديات التي تواجهه وتواجه المجتمع من خلاله على الصعيد الإنساني. فذلك الإنسان الخليجي يولد «محسودا» من باقي شعوب الأرض؛ لأنه ولد في بلد نفطي، وكأنما يشعر الناس في الخارج بأن كل خليجي لديه بئر للنفط في حديقة منزله، يغرف منها متى شاء. ولكنه يواجه اليوم منعطفا صعبا يمس أدق تفاصيل حياته. فهو يعيش في مجتمع يقوم الأجانب بثلاثة أرباع العمل فيه، بما يتبعه من تحديات في تغير التركيبة السكانية والهوية الأصلية لمجتمعه، ويتسابق المتسابقون على عرض السلع على اختلافات أنواعها في أسواقه، ليتحول الخليجي إلى مستهلك في كل فعل يقوم به، في مجتمع يفتح الباب على مصراعيه أمام عصر «العولمة» بكل ما يجلبه عليه من خير و «شرور».

الإنسان الخليجي يعاني اليوم أيضا من «الطائفية» حتى لو أنكرها، «الطائفية» بالمعنى التمييزي للكلمة. فالمجتمع الخليجي قائم على وجود الطوائف فيه. ذلك جزء من تركيبته الخاصة التي لا عيب فيها، ولكن المشكلة تأتي عندما تثار نيران الكراهية بين تلك الطوائف، فيبدأ الناس التمييز بين طائفتهم والطائفة الأخرى، وربما يكون القضاء على هذا الأمر في ظل الظروف الحالية في دول الخليج أمرا معقدا للغاية.

بعد كل ذلك يأتي العمل الدؤوب لحفظ الأمن في دول الخليج، والذي حرصت دول مجلس التعاون على وضعه ضمن أولوياتها دائما على مدى 25 عاما هي عمر المجلس، وانتقدها الكثيرون في ذلك باعتبار أن ما صرف من أجل الأمن لم يأتِ بمردود كافٍ، ولم تكن هناك حاجة ملحة إليه.

ولكن الاستعداد الأمني في دول الخليج أمر ملحّ، وخصوصا أن نيران الحرب والدمار تطوِّقه من عدد من الجهات حاليا، ولكن إلى أي مدى يمكن أن تصمد دولارات النفط لحفظ الأمن في الخليج - ذلك الأمن الغالي جدا -؟ وإلى متى؟

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1982 - الجمعة 08 فبراير 2008م الموافق 30 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً