شنّ خطيب جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس هجوما على المحاولات التي تقودها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لإضعاف الأمّة الإسلامية وإذلالها، مشيرا إلى أنّ هذه الدول تريد للأمّة أنْ تكون ضعيفة ذليلة؛ ليحكموا القبضة على عنقها ويملكون عليها أنفاسها ولتكون البقرة الحلوب فيما تغنى به أرضها، وسوقا لبضائعها المغشوشة وبحرا لأساطيلها، وإنسانا مستعبدا لها في كلّ الأحوال.
وقال: «كلّ من واشنطن وموسكو مستاءتان، عندما دشنت إيران مركزا فضائيا خاصا بها وأرسلت صاروخا لإطلاق أوّل قمر إيراني الصنع للأبحاث، وواشنطن وموسكو ومعهما أوروبا وكل من لا يريد للمسلمين خيرا مستاءون جدا... وقبل الثورة الإسلامية في إيران كان الغرب يرمي الإسلام بأنه رجعي ومعطل لحياة الإنسان وهذا القول قد انساق ورائه خلقٌ كثير من العرب والمسلمين بالاسم من مختلف الأجناس والأعراق. وحدثت الثورة، وأقيم النظام الجمهوري واجتمعوا لإقامة العداوة له، واتهموا القائمين عليه بأنهم مجموعة سترجع بالشعب الإيراني للوراء لمدة قرون، وسخروا منه كثيرا، وشنوا عليه حربا طاحنة عن طريق صدّام فخابت الحرب وخاب مشعلوها. ومثل ذلك النظام، النظام المستقل الوحيد على مستوى أنظمة الأمّة فجدوا في عزله وإضعافه».
وانتقل قاسم للحديث عن أهمية صلاة الجماعة، موضحا أنّ»الحياة الطيبة والدين، وكلنا يطلب الحياة الطيبة، وهذه الحياة ليست حياة مأكل ومشرب على حد حياة الحيوان، وإنما الحياة الطيبة روح تشعر بهدفها وسموها وتشعر برضاها... ولكن من أين تحصل على هذه الحياة؟
لا حياة بهذه المستوى إلاّ من خلال الدين، والدين يتلقى من الله سبحانه وتعالى وفيه أوامر ونواه، ولمن طلب الحياة الطيبة كان عليه حفظ ما أمر الله عز وجل بحفظه والنهي عما نهى الله عن الاقتراب منه. وهناك مسئوليتان، مسئولية فرد ومسئولية مجتمع، فالفرد الذي يطلب الحياة الطيبة من فضل الله يراعي حفظ ما أمر الله ويبتعد عما نهى، والمجتمع الذي يطلب حياة طيبة من فضل الله لا يكفي لأن ينالها أنْ يتحرك بعض أفراده على حفظ ما يحفظ».
وأضاف» مما أمر الله به أن يحفظ صلاة الجماعة، وهناك شكوى من بعض أئمة المساجد من تضييع هذه الصلاة. والمسجد هو المؤسسة الاجتماعية المبكرة والثابتة في الإسلام، وإليها ترجع كلّ مؤسسة تأخذ منها هدفها أخلاقياتها وقيمها، ومؤسسة تخالف المسجد تكون مؤسسة يبرأ الإسلام من هويتها. والمؤسسة الإسلامية هي مؤسسة لا تفارق خط المسجد وإنما تلازمه، والمسجد جاء عنه : من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة. هذا ليس إعلاء لبناء الطين والحجر وإنما هو إعلاء لوظيفة المسجد ووظيفته وفاعليته. وللمسجد حرمة خاصة ليست لغيره منها عدم رفع الصوت وعدم الحذف بالحصى ولا تدخله حائض إلاّ لتدخل من باب إلى آخر».
وقال:» بيت أحدنا قد يكون قصرا يسابق كل قصور الدنيا، ولكن لا تأتي له كل هذه الأحكام، والمسجد قد يكون تلك البناية المتهالكة ولكنه يمتلك تلك الأحكام. وفضل الصلاة في المسجد كما تعرفون ليس ككل مكان، فمسجد السوق تبلغ الصلاة فيه 12 صلاة، ومسجد القبيلة 50 صلاة، والجامع يبلغ فضل الصلاة فيه 100 صلاة، وصلاة الجماعة هي أوّل شعائر الإسلام. والعين تنظر، فإذا كانت المساجد ملئ فالإسلام مُهاب، وإذا كانت شبه فارغة فالإسلام يمكن أنْ يُداس(...) نعم، الجماعة تعطي الهيبة في النفوس، وكلّ العالم الآخر مشغول بمراقبة المساجد في القطر الكبير والقطر الصغير، وتتخذ من ذلك ما يشبه بالترمومتر لقياس الحال الإسلامية».
ولفت قاسم» التجمع في صلاة الجماعة يأتي تجمعا للتجانس والترابط وتفقد المؤمن للمؤمن، وتبادل الرأي والتعاون على البر والخير. وهذه الصلاة تدخل للوعي الاجتماعي والحس الاجتماعي والهم الاجتماعي، وتخرج بالأفراد من قوقعة الذات والأنا، والحس والهم الفردي إلى الحس بالجماعة والأمّة. وإن صلاة الجماعة للمثوبة العالية، ففي الصحيح عن أبي عبدالله (ع): الصلاة في الجماعة تفضل على صلاة الفرد 24 درجة، ومعنى ذلك أنه تفضل عن 25 صلاة. وفي الصحيح كذلك: ولكنها سنة من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له (...) إنّ الانحسار عن صلاة الجماعة يحقق أملا، والارتباط به يحقق أملا، الأوّل أمل الكفر والكفار، والثاني أمل الإسلام والأنبياء والمرسلين، وكل ذلك لا يلغي أهمية مراعاة الشروط في إمام الجماعة بلا إفراط ولا تفريط».
العدد 1982 - الجمعة 08 فبراير 2008م الموافق 30 محرم 1429هـ