المناطق في ثلاث محافظات (الشمالية، الوسطى والجنوبية) تشهد غليانا لم يسبق له مثيل منذ النكسة التي تعرضت لها في مستوى النظافة. فالحاويات أضحت مسرحا تمارس فيه القطط أبرز إبداعاتها وفنونها في التمزيق والتفريق، وبعثرة ما في الأكياس السوداء من محتويات، على حين يجد العمال الوافدون هذا فرصة لأنفسهم للعمل وقتا إضافيا بجمعهم العلب المعدنية.

الأحياء والقرى لا تحتاج إلى معطرات. فالروائح الكريهة تقوم بالواجب فتتسلل من تحت الأبواب، وتجتذب الذباب من كل حدب وصوب، حتى أصبح الناس لا يطيقون البقاء عند عتبات منازلهم أكثر من دقيقة واحدة. الحاويات ضجت من القمامة بعدما اكتنزت وذاقت صنوف العذاب، حتى إن عجلاتها باتت ترتجف عند إضافة كيس إلى الرصيد الوافر من السواد الأعظم.

مجالسنا المنتخبة تعد العدة لخوض سجالات ومناقشات مطولة بشأن الوضع السيئ الذي نال من وجه البحرين الحضاري، على حين المسئول الحقيقي عن هذه الكارثة مازال متواريا خلف الستار، مترددا في حسم الموضوع، على رغم تعهده بالتسريع في تمكين شركة بديلة من تولي زمام الأمور في الميدان، ولكننا في الواقع نشهد أسبوعيا تلكؤا غير مسبوق. إذا كانت هناك أطراف تحرك خيوط تعطيل إحلال شركة نظافة جديدة، فعليها الكف عن ذلك سريعا؛ لأن من يدفع الضريبة هم إخوتهم وأخواتهم وعماتهم وخالاتهم، وسائر المواطنين الذين يدفعون من صحتهم الكثير.