العدد 1980 - الأربعاء 06 فبراير 2008م الموافق 28 محرم 1429هـ

الأمير اندرو... الحكمة تأتي متأخرة!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في سابقة نادرة، شنّ الابن الثاني لملكة بريطانيا الأمير اندرو هجوما حادا على الرئيس الأميركي بوش بسبب العراق، بدعوى عدم الإصغاء إلى نصائح بريطانيا!

وجاء ذلك في مقابلة صحافية قبيل زيارته للولايات المتحدة، الهادفة إلى الترويج لقطاع الأعمال البريطاني. وقد خدم في البحرية البريطانية 22 عاما، وعمل قائد طائرة هليكوبتر في حرب الفوكلاند ضد الأرجنتين العام 1982. وربما هذه الخلفية العسكرية هي التي أغرته بانتقاد رئيس القوة العظمى الحليفة لبلاده، وكأنه يتحدّث عن صبيٍّ صغير.

حديث اندرو يتطاير منه غبار الإمبراطورية الغابرة، ما يدل على أنه لم يفقه بعد دروس التاريخ الكبرى. يقول: «إذا نظرت إلى الاستعمار على المستوى الدولي، وكيفية التحرك في حملة عسكرية لمواجهة حالات التمرد، لقد مررنا بكل هذه المراحل... كسبنا البعض وخسرنا البعض وتعادلنا في البعض. فهناك كمية كبيرة من الخبرة لاتزال صالحة وكان يجب الاستماع إلينا»! فالرجل يقدّم خبرات بلاده الطويلة في إخضاع الشعوب وتطويع المستعمرات، ويعرض «خدمات» للبيع أو الإيجار، ولا يقدّم نصائح أو يبحث عن أسباب الأزمات والكوارث التي تسببت بها بلاده مع حليفها الأكبر في العراق وأفغانستان.

وفي ادعاء ثقيل بالحكمة جاء متأخرا جدا، يقول: «إن الموقف بعد حرب العراق جعلنا نتساءل: لماذا لم يستمع أحدٌ لما قيل، وللنصيحة التي قدمت»، وما نعرفه أن بريطانيا هي أول دولة ركبت رأسها وأصرت على المشاركة في وضع تفاصيل الغزو الأميركي للعراق، متحدية القانون الدولي والأمم المتحدة وحقوق الإنسان.

اندرو هذا، يصنّف نفسه على أنه من «هواة» الولايات المتحدة كما جاء في تقرير لوكالة رويترز للأنباء، التي كشفت أنه زوّد هاتفه النقال برنّة خاصة من مسلسل «24» التلفزيوني الأميركي حبّا في الثقافة الأميركية! ويُعتقد أنه يستخدم الجل الأميركي لشعره، ويستمع لأغاني «البوب» و «الفالس»، التي تقرّبه إلى الله أكثر ممّا تقرّبه سيمفونيات بتهوفن وسونيتات باخ وفاغنر وموزارت... هؤلاء الأغبياء الأوروبيون المتخلّفون من أبناء القارة العجوز!

مع كل هذا الانحياز للثقافة الأميركية، إلا أنه انتقد سياستها في العراق، إذ «كان على واشنطن أن تستمع أكثر إلى نصائح لندن»، وخصوصا منه شخصيا، باعتباره فيلسوفا سياسيا لا يشقّ له غبار! فهناك «أناس عباقرة في بريطانيا (طبعا هو أولهم) يأملون أن يستمع لهم المسئولون في الولايات المتحدة ليتعلموا من تجاربنا»!.

إكمالا للـ (سي في)، اندرو يبلغ 47 عاما، وفي العام 2001 انتقل من البحرية ليعمل بمنصب «الممثل الدائم للتجارة والاستثمار الدولي لبريطانيا»، وهو ما يدر عليه مزيدا من المال، ومع ذلك مرّ بفترة نفسية متقلقلةسوسيولوجيا. ولكنه نجح أخيرا في التكيّف سيكولوجيا فأصبح متصالحا مع ذاته البراغماتية، فظلّ يعلّق صورا من ماضيه، وهو يعتقد أنه «فاتنٌ ومخيفٌ» بزيّه العسكري ولا يعتبره عارا!

أخيرا... بعض وسائل الإعلام وقطاعات واسعة من الرأي العام في بريطانيا تنظر إلى الأمير اندرو كـ «بلاي بوي» ليس أكثر! ومع ذلك علينا نحن العرب أن نتعاطف معه ونسلّم بكل ما يطرح، خصوصا عندما قال «إن العراق وشعبه من مشاغلي الدائمة... التي أفكّر فيها ليل نهار»!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1980 - الأربعاء 06 فبراير 2008م الموافق 28 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً