العدد 1980 - الأربعاء 06 فبراير 2008م الموافق 28 محرم 1429هـ

الطاقة الشمسية 3/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تتوقع الإحصاءات أن يصل عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة بحلول العام 2050، وهذا العدد الهائل من البشر سيصل احتياجه من الطاقة إلى 5 أضعاف الطاقة التي يتم توليدها حاليا. لهذا ظهرت الحاجة للحصول على العديد من المصادر الطبيعية التي لا تنضب بخلاف المستخدمة الآن، لاستغلالها استغلالا أمثل في إنتاج الطاقة مستقبلا. يدفع الإنسان للإتجاه نحو تلك البدائل الجديدة من الطاقة النظيفة والمتجددة، خصائص تحد من إستخدامات مصادر الطاقة التقليدية الراهنة.

أول تلك الخصائص، أن مخزون المصادر التقليدية محدود. وحسب الاستهلاك العالمي السنوي الحالي للطاقة، فإن الاحتياطي العالمي من النفط - الذي يساهم بما يزيد على 40 في المئة في تغطية الطلب العالمي على الطاقة - سينضب في غضون أربعين سنة ونيّف. وهذا يزيد على الأمد المتوسط من خطر حدوث الأزمات الاقتصادية، التي قد تسببها ارتفاعات جديدة في أسعار النفط.

وثانيها، أن الإنبعاثات الناتجة عن تحويلات الطاقة التقليدية تسبب العديد من الأزمات الإيكولوجية العالمية التي بدأت تتزايد حدتها كل عام. ففي العام 1999 لوحده، حدثت حوالي 700 كارثة ايكولوجية خطيرة، وأغلبها كان بسبب الإنبعاثات الناتجة عن استعمال الطاقة.

وثالث تلك الخصائص، أن احتياطي المصادر التقليدية لا يتواجد إلا في أماكن معينة من العالم، لكنه يستعمل في كل الأماكن التي يعيش ويعمل فيها الناس. استغلال هذه المصادر متمركز وتقوم به شركات ضخمة متجمعة في سلسلة اقتصادية عالمية، في حين أن الاستهلاك منتشر وغير متمركز. لهذا فإن اقتصاد المصادر التقليدية، مضطر باستمرار إلى الرفع من التمركز، والاحتكار والعالمية.

بالمقابل تتميز مصادر الطاقة الشمسية بثلاث خصائص مشتركة ونقيضة للخصائص المحددة لمصادر الطاقة التقليدية المستخدمة حاليا:

أولا: المصادر الشمسية لا تنضب ما دام النظام الشمسي قائما على طول عمر الأرض، إذا فهي ستظل متوفرة لملايين السنين، وإذا اكتفينا بهذه المصادر سنكون قد تجنبنا الأزمة الإيكولوجية العالمية.

ثانيا: حين تحويلها إلى طاقة ومادة ثانوية أي على شكل حرارة أو كهرباء أو وقود، عموما ليس هناك انبعاثات، إلا في حالة الطاقة العضوية، وهذه الإنبعاثات تظل ضئيلة ولا تشكل أي خطر على البيئة.

ثالثا: المصادر الشمسية متواجدة في كل مكان، كلها أو بعضها، ويجب أن يكون استغلالها ذا طابع محلي وغير متمركز.

ومن المفارقات الكبرى في عالم اليوم أن الطاقة الشمسية متوفرة كثيرا في البقاع التي تحتاج إليها بشكل مُلحّ جدا: في البوادي والصحاري أكثر بكثير منها في المدن، وفي البلدان الجنوبية (الفقيرة والمتخلفة) - إذ تعيش أكبر نسبة من سكان العالم - أكثر منها في المناطق الشمالية المتقدمة. ولكن لا أحد يستغلها هناك.

ويمكن لنظام طاقة شمسي أن يحسّن نمط المعيشة في قرية فقيرة بشكل جذري، ذلك لأن قدرة طاقوية بسيطة بمستوى 30 أو 50 واط تشغل بضعة مصابيح من نوع النيون وجهاز استقبال راديو أو تلفزيون أبيض وأسود لعدة ساعات كل ليلة. وهذا يسمح للأطفال في بيوت القرية أن يدرسوا ويذاكروا في المساء وللقرية أن تكون على اتصال بباقي العالم. طبعا لا يمكن لـ50 واط من الطاقة أن تسيّر اقتصاد قرية مهما كان بسيطا، وهذا يعني أن قرية أو منطقة نائية ما لا يمكنها أن تعيش بشكل مقبول (بتعاريفنا اليوم) إلا إذا توفرت كميات أكبر بكثير من الطاقة. فهل هذا ممكن بالطاقة الشمسية؟

الأمر الذي يبعث على التفاؤل أن كل كيلومتر مربع من المساحة في المناطق الاستوائية يستقبل حوالي ألف ميغاواط (أي ألف مليون واط) من الطاقة كمعدل يومي. وهذا يكفي تماما لتوفير كل مستلزمات الحياة الحديثة لسكان قرية كاملة. إذن ما هو العائق؟ كلفة تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء لا تزال جد باهظة!

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1980 - الأربعاء 06 فبراير 2008م الموافق 28 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً