مازالت مؤسساتنا الثقافية تتنافس في استضافة الكثير من الأسماء - التي من المفترض أن تكون أسماءَ ثقافية - لتدلو بدلوها «الفارغ» هنا في المنامة. الذي يبدو مهما وبدهيا أيضا هو إن هذه الاستضافات تعتبر فرصة للتبادل الثقافي على الأقل، وللجدال الثقافي على الأكثر. إلا أن شيئا من هذا التثاقف أو التماحك - في أغلب الأحايين - لا يحدث. الذي يحدث هو تكوين مجلس كبير للعلاقة العامة بين رؤساء الجمعيات والمؤسسات الثقافية ليس أكثر.

ليس سرا أن حركة الاستضافات اليوم على الصعيدين الحكومي - ممثلا في قطاع الثقافة من جهة، والمؤسسات الأهلية من جهة أخرى - هي صفقات استضافات موسّعة تستضيف المؤسسة الثقافية في البحرين «فلان»، فيرتب «فلان» لأعضاء مجلس إدارتها استضافة أخرى في بلده. وهكذا، يستمر مسلسل الاستضافات «الفارغة» حتى يخيل لك أنك تعيش في مربع ثقافة، ثلاثة أضلاع منه على الأقل هي خطوط خاوية لمجموعة من المحتالين باسم الثقافة والفن والتراث.

خلال الشهر الماضي كان لي أن أحضر بعض الفعاليات الثقافية التي كان من المفترض أن يكون المحاضرون فيها أسماء ثقافية مميزة. وعلى رغم ضعف القاعدة الأرشيفية عنهم لم يدر بخلدي أن تدفع مؤسساتنا الثقافية تذاكر سفر ومصاريف إعاشة وتنقل لأسماء لا تحمل معها شيئا لتقوله، وهو ما كان فعلا، ما خلا محاضرة واحدة لأحد الأكاديميين العرب. كان مجمل الفعاليات الباقية متواضعا، إن لم يكن خاويا أصلا.

الحديث عن الاستضافات الثقافية في البحرين هو حديث ذو شجون، إذ يستطيع المتتبع لأخبار تنقلات المثقفين البحرينيين ومشاركاتهم في الخارج أن يربط هذه المشاركات بالاستضافات التي قامت بها مؤسساتهم، وهو ما ينتهي عند معادلة «واحدة... بواحدة». قد لا يبدو هذا الأمر مزعجا، ولو من ناحية «بروتوكولية»، ولكن الذي يزعج هو «طرارة» المؤسسات الثقافية لاستجداء الأموال لا من أجل طباعة كتاب أو ديوان شعر لمثقف أو شاعر بحريني يحتاج إلى المساعدة، بل للمساعدة على برنامج علاقات عامة تستفيد دائما وأبدا منه، أسماء محددة ومعروفة، أو لأهداف مفضوحة.