العدد 1980 - الأربعاء 06 فبراير 2008م الموافق 28 محرم 1429هـ

النائب الجدلي جاسم السعيدي

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

لا شك أن الحديث عن استثمار النقد في ممارسة الأدب، داخل النسيج الصحافي يشكل ذكرى، إلا أنها ذكرى جميلة. ومفهوم الذكرى يؤسس ذاته بمعنيين: الفهم الأول يتأتى من كون موضوع النقد الصحافي البناء, لم يعد اليوم مجالا لمشروع نقدي أو مفهوما تنظيريّا لممارسة النقد، وإنما يصلح لأطروحة النقد كنقد فقط - لماذا؟ لأنه بكل بساطة، بسبب التراكمات الأيديولوجية والحزبية التي أصبحت تطغى على كل ما هو جميل, فلم يعد من المستساغ اليوم الحديث عن ما هو إيجابي للبناء عليه.

الفهم الثاني لهذا النقد حينما نتحدث عن تراكمات بتصورات شخصية لدى بعض النقاد بعيدا عن النقد الفكري، حيث جعلوا من هذا النقد مجرد طموح نظري لا أقل ولا أكثر. وهنا أقول إنه إذا كانت العولمة تسعى لتذويب الفوارق ومحو الهويات الخاصة تحت وهْم الشخصية الإنسانية المتكاملة والمتناسقة، فإن معرفتنا بذاتنا وتاريخنا وخصوصية إبداعنا تمنحنا المدخل الحقيقي الذي يؤصل رؤيتنا النقدية.

بالأمس القريب تم نقد النائب جاسم السعيدي بسبب تكريمه لأحد المتفوقين من أبناء دائرته وتم وصف هذا التكريم وكأنها حملة انتخابية، بل وتم التعرض للمكرم بتصغير شهادته على رغم حصوله عليها بامتياز من الجامعة الكندية. وهنا أقول هل تكريم الجمعيات السياسية والنواب لمتفوقي دوائرهم قضية مسيّسة؟ وهل ترجو الجمعيات من مطالبات الاستجواب مكاسب سياسية؟ وهل إن قيام الجمعيات بنقل هموم الشعب للحكومة تعد مسألة مسيّسة؟ وهل ان ذهاب البحارة برفقة هذا النائب الى سمو رئيس الوزراء لنقل متطلباتهم مسألة مسيّسة أيضا؟

ما نودُّ ذكره من خلال هذه المقدمة هو إلقاء نظرة سريعة على المشهد الاجتماعي في البحرين، أو هو المشهد المجتمعي أو المدني في المملكة.

إن التفاعل المجتمعي له مفاتيح أو سمات عامة لا بد من فهمها قبل أن نلج الى تفاصيل المفاهيم المجتمعية وليست الإدارية أو الحكومية كما يظن البعض. ولعلّ من أهمها أن أول هذه المفاتيح هو أن النسيج البحريني ينظر الى الحراك المدني من خلال آليات متاحة له، حتى أن البعض يصبو الى المزيد، وهذا حق مشروع.

هنا نقول إن المشهد الأخير الذي تمثل في تفاعل المجتمع البحريني مع قضية البحارة يتقدمهم النائب جاسم السعيدي يدلُّ على ترابط هذا النسيج، ولنكن صريحين أكثر (سنّة وشيعة) هذا بجانب ثقافته استعمال المسلك القانوني والدستوري لبلوغ الأهداف المرجوة وهو الحفاظ على هذه المهنة الحرفية مهنة الأجداد والآباء.

وهنا وجب التنويه عندما تقوم جمعية البحرين للصيادين (قيد التأسيس) بأعضائها من سترة والمعامير والبديع والحد وجو والزلاق، أي من جميع مناطق البحرين، بتكريم الشيخ النائب جاسم بن أحمد السعيدي على جهوده الخيرة لتبني متطلباتهم والوصول بها الى أصحاب الشأن بالأطر القانونية وروح العمل الجماعي، بالمقابل قام النائب بدوره بتقديم شهادة تقدير لإصرارهم على مطالباتهم القانونية والاجتماعية والحرص على الحفاظ على مهنة أجدادهم وآبائهم.

هذه هي مفاتيح الحقيقة التي لا بد أن نتذكرها في أي استعراض للمشهد الفكري أو المجتمعي. ومما يؤثر في هذا المشهد أن كل ما يحدث في البحرين من حراك اجتماعي ومدني هو ثمرة تفاعل اجتماعي طويل وليست ردة فعل أو تعامل مع حدث معين، فالشكر موصول الى هذا النائب وجمعية الصيادين على هذا المشهد المعبر، ولا أخفيكم سرا بأن هذا المشهد كان يحوي جميع شرائح النسيج البحريني حتى وإن كان هناك اختلاف ايديولوجي معيّن فمصلحة المواطن تفوق هذه المصطلحات.

الخلاصة، يُعَدُّ النقد ظاهرة صحية في المؤسسات والمجتمعات المتحضرة، بل هي جزء أساسي من عملية التطوير والتقدم المستمرين، وقد مارس الفكر المستنير هذه العملية في مختلف اللحظات العصيبة والمنعطفات الكبرى فلنحذُ حذوهم، ولنعمل بروح الفريق الواحد وكفانا تشرذما.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 1980 - الأربعاء 06 فبراير 2008م الموافق 28 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً