ربما جاء التأجيل المتواصل لحسم موضوع الأربعين مليون دينار التي خصصت لمواجهة الغلاء فرصة للبعض (ممن اتصلوا بي شخصيا عبر الهاتف أو أرسلوا إيميل) لطرح نقاط باتت تؤرق بالهم منذ أن علموا أن آلية توزيع تلك المعونة قد رست في غالب الظن على منح 50 دينارا لكل أسرة بحرينية.
أحد المواطنين (وتلاه آخر) تساءل: وماذا عنا نحن غير المتزوجين؟... هل نحن في منأى عن الغلاء وما يترتب عليه؟ هل سأل أحد المسئولين لِمَ لم نتزوج بعد وأعمارنا شارفت على الثلاثين وغيرنا تجاوزه؟! أليس الزواج بحاجة إلى مصاريف وتأمين سكن ومأوى للزوجة أولا وللعيال ثانيا؟ نحن بالكاد نوفر قوت يومنا، «حتى سيارة جديدة ما نقدر نشتريها بسبب هالراتب الضعوف» فمن أين لنا تأمين كل ما يتطلبه الزواج، ومواد البناء نار والإسكان «ينقضي عمرك ولا تستفيد من خدمة منها»... ألا نستحق بعد هذا معونة غلاء «يمكن... يمكن نقدر نعدل وضعنا ونصرف على نفسنا، مو نتزوج بعد»؟!
وآخر، مواطن مغترب من أجل تحصيل الرزق، اصطحب معه زوجته وأصبح له من العيال ابنان وينتظر الثالث، يقول: «صار لي خمس سنين متغرب أنا وزوجتي وعيالي، ما ننزل البحرين إلا نادرا عشان نوفر ثمن تذاكر السفر لأني ما أقدر أسوق لمسافات طويلة على الطريق (يعاني من مرض في ركبته)، والغلاء لم يطل البحرين فقط، بل الدول المجاورة أيضا، ويكفي أننا في غربة لا نتمتع بأية حقوق حالنا حال مواطني الدولة، والمصاريف في الغربة مضاعفة... وما نستحق علاوة غلاء؟! ما يصير... هذا ظلم. احنا بعد مواطنين ولو ما تردي الحال، ولو حصلت شغل في ديرتي ما تغربت، فهل لأني دورت على لقمتي في ديرة ثانية بعد ما عجزت أن أحصلها في بلادي أعد غريب، خلاص مو بحريني ولا أستحق أي خير ينوب البحرينيين؟!».
أسئلة معقولة ومشروعة، نضيف إليها أخرى: ما مفهوم الأسرة عند جناب المعنيين بصرف المعونة؟ هل هي الأسرة حديثة التكوين التي لا يتجاوز عدد أفرادها اثنين (الزوج والزوجة) أو ثلاثة أو أربعة (بإضافة العيال) أو هي الأسرة التي تتكون من عشرة أشخاص فما فوق؟! وهل مفهوم الأسرة يشمل البيت الواحد وإن كان يضم أكثر من عائلة تحت سقف واحد، أم كل شخص متزوج يعد أسرة حتى ولو سكن في بيت أبيه أو عمه؟
أسئلة مشروعة أيضا كوننا نعلم أنهم لابد وأن ينبشوا في الثغرات ليخرجوا علينا بشروط تسقط (غالبية) من حق مشروع لهم!
ونزيد في السؤال: هل الخمسين دينارا (التي رست عليها غالبية الأصوات والآراء) ستكفي الأسرة التي تتكون من عشرة أفراد أو أكثر (منهم الجد والجدة ما يعانيانه من أمراض وأولاد كلهم غير متزوجين، وفيهم رضع وفي المراحل الدراسية المختلفة) كما ستكفي الأسرة النووية التي تضم أربعة أفراد مثلا؟... هل في ذلك حسبة عادلة؟
ربما بما طرح نكون قد فتحنا أعين المسئولين على بعض الجوانب التي قد يتغافلون عنها، ولكن أملنا ألا نكون السبب في فرض شروط جديدة (وهذا المتوقع دائما حتى تفقد المعونة معناها وتصبح بحاجة إلى من يعينها ويعين من أقرها) أكثر تعقيدا وإحباطا لمواطنين «فرية كبدهم» وهم ينتظرون المعونة، وبعضهم عزّت عليه نفسه وأعلن رفضه للخمسين دينارا قبل أن تصرف!
وأقول: «صبروا وخلنا نشوف وين بترسي مو هالأربعين مليون، بل هالخمسين دينار اللي إخوانا في الجوار وفي الأردن بعد تسلموا ضعفها واحنا ننتظر مو متى بيصرفون الخمسين دينار وحق من بيعطونها، بل متى بيتفقون بس ويخلصونا من عوار الراس... هذي مو خمسين دينار؟! بنتبرع لكم بها مثل ما نتبرع للعاطلين اللي زادوا هالشهر ولكل مشاريع الحكومة عشان تسد العجز في موازنتها... بس ريحوا أنفسكم تراكم كسرتوا خاطرنا»!
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 1978 - الإثنين 04 فبراير 2008م الموافق 26 محرم 1429هـ