بلدنا يخطط له هذه الأيام أن يسير نحو الفوضى المفتوحة التي تهيئ إلى مرحلة الاصطدام الأهلي. ولا دلائل حكومية جادة حتى الآن تجزم بعكس ذلك. فالأمور تتجه نحو إغراق البلد في فتن قوامها الاستفزاز المفتوح على مصراعيه من قبل «أجندة مثيرة» صارت تتحرك «بوتيرة سريعة» في الواقع كما أشار أحد التقارير الحقوقية الدولية الصادرة أخيرا.

لم تعد تعني التحذيرات العقلائية لبعض صانعي القرار شيئا، ولم تترك الحكومة مخرجا لحملها على الخير، سوى إرخاء العنان لصحافتها التهييجية على أيدي متهورين يسيرون ضمن «استراتيجية» واضحة المعالم لتأليب كل فئة على أختها ببيانات التأجيج المذهبي. وآخر تقليعات الفتنة المضحكة كانت الزج بالمختصين في هرج الأغاني الشعبية ضمن لعبة التوهين الطائفي، ليضافوا إلى قائمة «الحمقى» على صدر الصفحات الأولى الذين تديرهم «الاستراتيجية» المفضوحة بالريموت كنترول.

هذا النوع من الاستغلال أصبح شبيها بما يفعله زملاء المهنة في العراق، وخصوصا ما جرى في الهجوم الذي وقع في بغداد مطلع الشهر الجاري وراح ضحيته 99 مدنيّا (وليس مجندا) بعمليتين انتحاريتين في سوقين للدواجن (البريئة) التي رأى العالم صورها الدموية وهي متناثرة على وجه الأرض. فمسئولون عراقيون صرحوا لإحدى الوكالات بأن «الانتحاريتين كانتا مختلتين عقليا وتعانيان من متلازمة داون»!

هكذا تتساوى أرواح البشر بالدجاج في عقلية بعض المؤتمنين على واجهة السلطة، فلا يهمهم إن أثيرت بأقلامهم حرب أو سُفكت دماء، بينما يتغافل «المدسِّمون» خطرهم بانتظار النتائج.