العدد 1978 - الإثنين 04 فبراير 2008م الموافق 26 محرم 1429هـ

إيران والعرب... وغزو الفضاء!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نقلت وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب) أن إيران دشّنت أمس، أول مركز فضائي بني محليّا للتمكن من إطلاق أقمارها الاصطناعية إلى الفضاء.

التلفزيون الإيراني بثّ صورا للموقع، إذ وضع صاروخٌ جاهزٌ للإطلاق. أما وكالة الأنباء الرسمية فقالت إن الرئيس نجاد «دشّن أول مركز يتضمن القمر الاصطناعي «أميد» (الأمل) ومحطة مراقبة تحت الأرض ومنصة إطلاق»... في وقتٍ تسعى أميركا لإصدار عقوبات جديدة مشددة في مجلس الأمن ضد إيران.

في صيف 2005، وفي زيارة سياحية لإيران، كنت أسأل من ألاقيه، من مسئول المكتبة إلى سائق التاكسي: كم نسبة السيارات المصنوعة محليّا مقارنة بالمستوردة في شوارع إيران؟ فكانت الإجابة تدور حول 80 في المئة.

السؤال نفسه طرحته على رئيس تحرير صحيفة إيرانية، ضمن الوفد الإعلامي المرافق للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية في زيارته للبحرين الأسبوع الماضي، فأجاب: «ما بين 80 و90 في المئة». واللافت أنه أضاف: «كل ذلك لا يساوي شيئا أمام ما تحقّقه إيران من تقدّم في مجال الطاقة النووية. النفط سينضب يوما ما، والنجاحات في هذا المجال أهم بآلاف المرّات لأنها ترتبط بالتقدم العلمي والدواء والغذاء».

الإيرانيون انتقلوا من تصنيع السيارات الشعبية مثل (بيكان) إلى صناعة سيارات تنافس السيارات اليابانية والألمانية فخامة وتصميما. وإيران الآن تصدّر سياراتها إلى 36 دولة، وافتتحت أكثر من ثلاثين خط إنتاج للسيارات في روسيا البيضاء وفنزويلا وأذربيجان والسنغال، وأخيرا... في سورية.

في أكتوبر/ تشرين الأول 2005، أطلقت إيران قمرا اصطناعيا (سينا- 1) روسي الصنع، ورفعه إلى مداره صاروخ روسي من منصة إطلاق روسية، إلا أن الإيرانيين اختاروا ذكرى انتصار ثورتهم للإعلان عن مركزهم الفضائي «المحلي» الأول. وجاء الإعلان على لسان رئيسهم المتخرّج من جامعتهم الوطنية، الذي كان أبوه يعمل حدّادا، لتصبح إيران البلد الحادي عشر الحاصل على تقنية إطلاق الأقمار الاصطناعية.

أحد الزملاء سأل رئيس التحرير الإيراني: أليس ذلك على حساب العوائل الفقيرة التي لا تجد قوتها؟ فأجاب: «لا يوجد في إيران اليوم فقرٌ مدقعٌ بحيث تبيت أسرةٌ دون عشاء. القمح الذي كنا نستورده أصبح فائضا فأخذنا نصدّره للخارج».

ما يهمنا نحن العرب من كل ذلك: ما هو موقعنا من الإعراب الإيراني؟ ففي الوقت الذي اتبعوا سياسة التقشف لبناء بلدهم، وجّهنا فوائضنا النفطية في بناء المرافق السياحية والمدن الأسمنتية التي لا يسكنها غير الأثرياء. شبابهم كانوا يتنافسون في مسابقات الرياضيات الدولية، بينما يتنافس شبابنا في برامج «الأكاديميات» الفارغة، التي تخرّج مزيدا من المطربين والمغنيات! هم صنعوا طائرة «إيران 140» المدنية ودبابة «ذو الفقار» وقمر «أميد»، بينما ملأنا الفضاء بأقمارنا التي فرّخت مزيدا من فضائيات الرقص وهز البطون. هم نجحوا في تخصيب اليورانيوم وامتلاك دورة الوقود النووي، ونحن نجحنا في تخصيب الحيوانات للفوز في سباقات الخيول والهجن.

هم ظلوا طوال ثلاثين عاما من الحصار الدولي يعملون في صمت الكادحين، حتى وقفت بلادهم على رجليها، فيما انشغلنا عشر سنين في شتمهم بالفرس المجوس، وفي العشر الثانية بلمزهم بنظام «الملالي»، وفي العشر الأخيرة بنعتهم بالصفويين، ولا ندري ماذا أعدّ إعلامنا لهم في العشر المقبلة؟ وهل يأتي يومٌ تفخر فيه قبائلنا العربية بإنجازات مماثلة؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1978 - الإثنين 04 فبراير 2008م الموافق 26 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً