أجلت المحكمة الكبرى الجنائية النظر يوم أمس (الأحد 3 فبراير/ شباط) في قضية «حرق سيارة الشرطة وسرقة السلاح وإحرازه وإخفائه» والمتهم فيها 15 شخصا إلى 24 فبراير وذلك بعد أن رفضت هيئة الدفاع الحضور بسبب توقيت الجلسة التي عقدت عند الساعة الثالثة بعد الظهر بدلا من العاشرة صباحا.
في الوقت ذاته، كلفت «منظمة الدفاع الدولية» شخصا لحضور المحاكمة ومراقبة مجرياتها، ومعه إحدى الصحافيات من المملكة المتحدة. وأصدرت المنظمة بيانا طالبت فيه السماح إلى أقرباء الموقوفين الدخول إلى مبنى وزارة العدل والشئون الإسلامية والحضور داخل قاعة عقد جلسة المحاكمة، والسماح إلى المحامين بالالتقاء بالموقوفين قبل أن يقوم قاضي المحكمة بتوجيه الاتهامات إليهم، وعدم استخدام القوة لتفريق المواطنين بالقرب من مبنى وزارة العدل، والسماح بالمراقبة الدولية لجلسات القضية وجعلها «محاكمة علنية»، وفتح تحقيق مستقل ومحايد في مزاعم تعرض الموقوفين إلى سوء المعاملة والحاطة بالكرامة.
إن مثل هذا التعاطي السلمي مع قضايانا السياسية يجب أن يستمر، ومن حق الأهالي التواصل مع أبنائهم، كما أن من حق القضاة اختيار التوقيت المناسب لسير المحاكمات، سواء كان ذلك في الصبح أو بعد الظهر، شريطة استيفاء شروط الدفاع. فالمشكلة تكمن في أن امتناع المحامين في المرة المقبلة - فيما لو امتنعوا - عن حضور المحاكمة سيعني أن من حق المحكمة توكيل أي محامٍ للدفاع عن المتهمين، وبالتالي فإن من الأفضل الحضور في أي وقت انعقدت الجلسة.
كما أن من حق الأهالي الالتقاء بأقاربهم الموقوفين، والتعبير عن احتجاجاتهم بصورة سلمية فيما يتعلق بدعاوى التعرض للتعذيب أو الإهانة، وقد اعتصم الأهالي أمام سجن التحقيقات في العدلية الجمعة الماضي معبرين عن رفضهم لما اعتبروه ممارسات غير صحيحة من قبل السلطات الرسمية.
إن ما نأمله لبلادنا هو أن نحتفظ بالحق في المعارضة والتعبير عن الرأي من خلال الأساليب السلمية فقط لا غير، وهذا يتطلب من السلطات أيضا عدم استخدام القوة المفرطة، والتعاون مع الجمعيات الحقوقية، وإفساح المجال للتحقيق المستقل في أية ادعاءات للتعرض للإهانة أو سوء المعاملة. فالطبيب الشرعي التابع لوزارة الداخلية حجته مقبولة أمام وزارة الداخلية فقط، أما الهيئات المستقلة والحقوقية فتطلب فحصا مستقلا من قبل أطباء يهتمون بسمعتهم المهنية وعلى استعداد لإبداء وجهات نظرهم الحرفية بشأن الادعاءات. إننا نحتاج إلى ترشيد الحال السياسية من كل جانب، والقضايا التي تمرّ أمامنا أكبر من كونها «محكمة» لأنها تختبر قدرتنا جميعا على التعاطي مع مختلف شئوننا بصورة حضارية.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1977 - الأحد 03 فبراير 2008م الموافق 25 محرم 1429هـ