«هيك علمنا الحكيم... ع نهج الثورة السليم... هيك علمنا الحكيم...»، أن تحبوا وطنكم تعشقوه لحد الهوس، يعني أن تتعلموا الثورة بالنهج السليم، هكذا علمنا أيضا رفيق دربه في مدرسة الثورة والمقاومة والنضال العربية أبوأمل سعيد سيف عبدالرحمن النعيمي، رفيقه الحاضر الغائب. علمنا ألا ننسى أن فلسطين عربية والبحرين عربية، وأن دماء أوطاننا لاتزال تنزف في القلوب، علمنا ألا ننساكم في فرحكم وحزنكم ونكون بينكم ومعكم يوم وداع «الحكيم»، علمنا أن الحلم لا يموت والحق لابد أن يسترد!
ألقى خوري الكنيسة كلمته التي كانت بمثابة بيان سياسي بامتياز، من مضمون ما جاء فيها: «اليوم نزف بطلا كبيرا من الرعيل الأول الذي أسس حركة القوميين العرب، وبعد أن فجرت المؤامرة الصهيونية النكبات المتتالية التي حلت بفردوس العرب ومقدساتهم، كان من الذين يحملون مشاعل الحرية في الوطن السليب، كان يداوي الفقراء مجانا، وكانت عيادته ملتقى الأحرار الشرفاء وقد ودعها في شيخوخته. كان واحدا من أصلب الرجال المناضلين وأكثرهم إصرارا. هو حكيم الثورة ومنظرها، وأول قيادي آثر التخلي عن قيادته في العام 2000 بعد أن رأى الأنانية واستبداد الأعداء. من أجل (فتح) ناضل، وللمعتقلين ناضل، أما الحقوق الشرعية فكانت من أولوياته ولهذا فهو اليوم قائد تاريخي وإنسان استثنائي قدم حياته قربانا للثورة الفلسطينية، حمل هموم شعبه جبلا على كتفيه زاهدا في دنياه». بعدها جاءت تباعا كلمات رئيس السلطة الفلسطينية التي ألقاها بالنيابة سليم الزعنون، وأشار فيها إلى أنه الرجل الضمير، العظيم الوحدوي الكبير الذي عندما ينطق يصمت الجميع وينصتون. كان غالبا ما يقول: «إنني مع الديمقراطية، وما اتخذته من آراء قد لا يكون صحيحا».
أما أمين عام الجبهة الشعبية ماهر الطاهر فقد ألقى كلمته بمشاعرَ من الحزن الممزوجة بأحاسيس الفخر بالانتماء إلى حركة وحزب أسسه «الحكيم» قائدا وطنيا ورمزا فلسطينيا وقوميا ورأى أنه «يمثل مدرسة فكرية وأخلاقية علمتنا كما قال المبادئ والاستقامة والتمسك بالحقوق والإصرار على تحقيق الأهداف. سيكتب التاريخ عنه وعن تجربته العميقة وهو الذي غالبا ما أوصانا بالوحدة الوطنية؛ لأن النصر ومواجهة العدو الصهيوني الشرس - كما كان يردد (الحكيم) - لا يتحققان إلا بالوحدة الوطنية. فعدونا الأساسي والرئيسي هو المحتل». وذكر أن «الحكيم» قد سأله قبل يوم من رحيله:
- شو أخبار غزة؟ وشو صار بأوضاع الفلسطينيين؟
قلت: يا حكيم اهتم بصحتك. وأخبرته بما جرى. فرد علي ناطقا بآخر كلماته تعليقا على تحطيم معبر رفح:
- راح يجي يوم وتفتح فيه كل الحدود العربية!
«وداعا يا حكيم، وداعا يا حكيم»... ولكن ستبقى تعاليم مدرستك وأفكارك ونور حلمك الذي كنت تحلم مشعلا يضيء للأحرار المؤمنين بالأوطان طريقا للخلاص من قيد الاستعمار في سبيل استرجاع الحق!
عمّان - الأردن: 28 يناير/ كانون الثاني 2008
إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"العدد 1976 - السبت 02 فبراير 2008م الموافق 24 محرم 1429هـ