أعلنت شركة «ياهو» على الإنترنت أن مجلس إدارتها سيدرس عرضا قدمته «مايكروسوفت لبرمجيات الحاسوب» بقيمة 44,6 مليار دولار، مضيفة أمس الأول (الجمعة) أن مجلس إدارتها سيقيم العرض فورا في ضوء خططها الإستراتيجية، ويختار أفضل مسار لتعظيم القيمة الاستثمارية بالأجل الطويل.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تقترب فيها «مايكروسوفت» من «ياهو» ففي العام الماضي تحدثت تقارير عن احتمال شروع الشركتين في بناء مشروع مشترك أو أي نوع آخر من التعاون وذلك بدلا من الاندماج الكامل.
وكانت صحيفة «وول ستريت غورنال» أكدت أن الشركتين العملاقتين بدأتا محادثات الاندماج، لكن صحيفة «نيويرك بوست» قالت حينها إن «مايكروسوفت» قامت منذ عدة شهور بتقديم عرض لشراء «ياهو» لكن الشركة رفضت حينها العرض بشدة. من جانبها أكدت الصحيفة التي حددت قيمة شركة «ياهو» بنحو 50 مليار دولار أن المحادثات مستمرة بين الجانبين.
أما اليوم فقد أحدث عرض «مايكروسوفت» هذا ما يشبه الهزة في أسواق المال وقطاع التكنولوجيا في العالم يوم الجمعة 31 يناير/ كانون الثاني، بعدما كشفت «مايكروسوفت» رسميا عن تقديمها عرضا من جانب واحد للاستحواذ على شركة «ياهو». وعرضت الشركة على المساهمين في «ياهو» 31 دولارا للسهم الواحد، بما يفوق السعر الذي سجله السهم بنهاية جلسة التداول الخميس 30 يناير/ كانون الثاني. فبمجرد إعلان النبأ، قفزت أسهم «ياهو» 60 في المئة في سوق الأوامر السابقة للتداول، فيما تراجعت أسهم «مايكروسوفت» بنسبة 5 في المئة.
وأكد رئيس مجلس الإدارة ستيف بالمر ما تناقلته الصحف قبل عام إذ قال إن شركته سبق أن طلبت التفاوض على عرض استحواذ قبل عام، لكن «ياهو» استمهلت بحجة إعطاء الفرصة للإصلاحات الإدارية، مشيرا إلى أنه يعود فيتقدم بهذا العرض: «بعدما مرّ عام كامل من دون أن يتحسن موقع ياهو التنافسي».
ومن المتوقع أن يثير هذا الاستحواذ، في حال قبول «ياهو» العرض، موضوع «قانون الاحتكار» الذي واجه مايكروسوفت في أكثر من سوق خلال عشر السنوات الماضية وكلفها مليارت الدولارات سواء في أسواق الولايات المتحدة أو أوروبا.
ويأتي هذا العرض في وقت أثبتت الدراسات أن «مايكروسوفت» و»ياهو» حلا خلف «غوغل» التي حصد محركها البحثي أعلى معدل من المستخدمين في العالم، الأمر الذي أثر بقوة على أرباح «ياهو» التي سبق لها أن أعلنت نيتها التخلي عن قرابة ألف موظف بحلول منتصف فبراير/ شباط المقبل. ووصف مديرها التنفيذي، جيري يانغ، الأمر بأنه «أزمة» تقابل الشركة التي قدمت للمساهمين سجلا مخيبا للآمال عن الأداء المالي للربع الرابع من العام الماضي.
ومن أهم الجوانب المشتركة بين الشركتين (ياهو ومايكروسوفت) أنهما يواجهان عدوا مشتركا والمتمثل في شركة غوغل (Google) إذ إن أهمية وقيمة غوغل تزيد يوما بعد يوم في السوق. وبالنظر إلى الأرقام فإن دخل غوغل سجل زيادة بنسبة تقارب 63 في المئة في العام الماضي وذلك مقارنة مع العام قبل الماضي. كما استطاعت غوغل حديثا التغلب على (Microsoft) و (Yahoo) في صفقة شراء شركة (DoubleClick)، التي حطمت الأرقام القياسية في شراء المواقع. فبعد الصفقة الأضخم عالميا في شراء موقع «يوتيوب»، أعلنت «غوغل» شراء شركة «دبل كليك» المتخصصة في بيع البرامج التي تتيح للناشرين عرض الإعلانات عبر مواقعهم الإلكترونية.
وشنت «غوغل» هجوما آخر على «مايكروسوفت»، وفي عقر دارها، عندما بدأت في تقديم برامج مجانية لزوار موقعها تؤدي وظائف برمجيات أوفيس التي تحتكر «مايكروسوفت» أسواقها منذ ما يزيد على عقد من الزمان.
الشيء الملفت للنظر في آلية الاستحواذ والصراع التي تسود الأسواق الغربية، هو أن صراع عمالقة السوق، حتى وهو في أوج قمته، والذي يصل إلى محاولة أحدهم إقصاء أكبر عدد من المنافسين، لا يتردد هؤلاء المتنافسون في عقد صفقات التفاهم أو بناء مؤسسات مشتركة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1976 - السبت 02 فبراير 2008م الموافق 24 محرم 1429هـ