ينبغي على المعارضة في كينيا أن تعترض على نتائج الانتخابات المثيرة للارتياب باللجوء إلى المحاكم إن أرادت أن تقوّي ديمقراطية حكم الشعب وتضعف أوتقراطية حكم الفرد التسلطي وتنزع فتيل العنف. حتى في زيمبابوي، ثبت لمواطنينا الزيمبابويين وللعالم على ألايزال هناك أمل بالنسبة في تطبيق أساس الحرية بالذات وهو سيادة القانون.
ولا ينبغي على إجراءات المحاكم أن تحل محل أعمال الاحتجاجات السلمية التي تتم في الشارع. فقد قال مارتن لوثر كينغ: «العمل المباشر عن طريق الإضرابات الشعبية لحمل الحكومة على إجراء معين لا يعتبر بديلا عن العمل داخل المحاكم وصالات الحكومة... فرفع القضايا أمام محاكم الأراضي لا يعمل على إقصاء ضرورة القيام بالتعبير التمثيلي الجماعي عن ظلم أمام دار بلدية. وفعلا، إن العمل المباشر والعمل القانوني سيكمّلان بعضهما بعضا عندما يتم توظيفهما بطريقة ماهرة بحيث يصبح كل منها أكثر فاعلية».
على رغم أن المحاكم بطيئة ومخيبة للآمال في كل الدول وأن من غير المرجح أن تقوم بعزل فريق السلطة الحاكم، فإن من الواجب أن يتم رفع القضايا أمام المحاكم لكي يتم إثبات الالتزام بالشرعية. في زيمبابوي، لم يتم الوصول إلى قرار بشأن طعن واحد من الطعون التسعة والثلاثين الانتخابية البرلمانية التي تمت بعد انتخابات يونيو/ حزيران 2000 مع حلول نهاية تلك الدورة الانتخابية في العام 2005. والشيء نفسه ينطبق على الطعن الذي تم تقديمه في العام 2002 على انتخابات الرئيس روبرت موغابي، الذي تنتهي فترته الرئاسية في شهر مارس/ آذار المقبل، وسوف لن تكون هذه القضية قريبة من التوصل إلى قرار بشأنها.
فهل كان الذهاب إلى المحكمة ممارسة دالة على الحماقة؟ أنا لا أعتقد ذلك. بما أننا كنا قادرين على أن نبيّن لجميع المراقبين المحايدين أن حزب «زانو» (اتحاد شعب زيمبابوي الإفريقي - الجبهة الوطنية) لا يتمتع بتفويض من الشعب الزيمبابوي من خلال عرض الحقائق بطريقة نظامية أمام المحاكم على مدار عدة سنوات. وكل ذلك كان قد ساعد على خلق ضغط دولي تمت ممارسته ضد نظام حكم موغابي.
كما عمل القرار الخاص باستخدام المحاكم أيضا على إبراز التزامنا اتباع وسائل اللاعنف ومنحنا أرضية أخلاقية رفيعة المستوى لا تقبل النزاع على الصعيدين المحلي والعالمي.
كان موغابي قد فكر في تزوير الانتخابات ومن ثم القيام بعد ذلك بالانتظار على أن ينسى العالم ما يدور في تلك الظروف. وإنني أعتقد بأن إجراءات المحكمة كانت هي المسئولة عن منعه من القيام بذلك، أكثر من أي عامل آخر.
الأغلب أنه تم تزوير الانتخابات في كينيا بشكل مماثل جدا، وأن المعارضة تريد بطريقة يمكن فهمها أن تفوز بالحكومة في الحال. ونحن نفهم أننا في حزب «حركة التغيير الديمقراطي» يجب أن نكون قد تولينا الحكومة في يونيو 2000. ولكن لتفكر في البدائل، فقد رأينا بعضا منها قد حدث في كينيا.
إن الأنظمة الفاسدة لا تتخلى عن الحكم بسهولة، ولكني لا أعتقد بأن نضال المعارضة في كينيا سيطول ليكون شيئا يماثل طول نضالنا. فالرئيس الكيني مواي كيباكي الذي سيتولى المنصب لا يملك أرضا وسلالة تشكل أعذارا لتبرير قيامه بالتزوير كما هو الحال لدى رئيس زيمبابوي موغابي. وبسبب ذلك، سوف لن يتم منح كيباكي المقدار نفسه من التراخي من قبل الزعماء الإفريقيين كما يتمتع به موغابي.
يجب على أحزاب المعارضة في كينيا أن تتبع أسلوب اللاعنف، من نواحيه كافة؛ لأن السلوك السيئ من كلا الجانبين سيعمل على الإضرار بصورة كينيا وكامل إفريقيا والإضرار بالاستثمارات الأجنبية؛ مما سيعمل على تخليد فكرة كون إفريقيا قارة متخلفة وعنيفة وغيرَ آمنة. وبينما قد تكون مثل تلك الأشياء حقيقية بالنسبة إلى إفريقيا منذ عشرين سنة ماضية، فإنها في الوقت الحالي ليست كذلك.
تعتبر زيمبابوي وكينيا من الأمثلة السيئة. إلا أن هناك الكثير من الدول الإفريقية التي تقوم في الوقت الحالي بتغيير حكوماتها بطريقة سلمية، في غانا والسنغال وجنوب إفريقيا وناميبيا وموزمبيق وزامبيا ومالاوي وبتسوانا وتنزانيا وفي أماكنَ أخرى، في عقد السنوات الأخير. وفي العام الماضي، قامت نيجيريا بانتهاك الانتخابات بطريقة سيئة. إلا أن عددا كبيرا من نتائج الانتخابات التي تم التلاعب بها قد تم إلغاؤها على المستوى الاتحادي ومستوى الولاية والمستوى المحلي، على حين كان على الرئيس الجديد عمرو يارادوا أن يمثل أمام المحكمة للدفاع عن نفسه.
وفي زيمبابوي وكينيا، لدينا مهمة تجاه بقية دول إفريقيا أن نبيّن أن عندما تكون الديمقراطية معرضة للهجوم، فإننا سنبقى صادقين مع مبادئها الجوهرية. وسيكون على كل الزعماء الأفارقة المنتخبين بشكل ديمقراطي مسئولية دعم أولئك الذين يثبتون ذلك الالتزام. ووفق هذه الطريقة وحدها يمكننا أن نبيّن لباقي دول العالم أن إفريقيا هي مكان آمن.
ويمكن أن يتم تحديد مستقبل كينيا الآن. وذلك إما من خلال حقائقَ ثابتةٍ لا تقبل النزاع يتم عرض قضيتها في المحكمة ويتم نشرها في جميع أنحاء العالم وإما من خلال مئات من الأفراد الأبرياء يتم ذبحهم في جميع أنحاء البلاد.
*وزير العدل في حكومة الظل (المعارضة) في زيمبابوي من حزب
«حركة التغيير الديمقراطي»، والمقال ينشر بالتعاون مع «مصباح الحرية»
www.misbahalhurriyya.org
إقرأ أيضا لـ "مصباح الحرية"العدد 1975 - الجمعة 01 فبراير 2008م الموافق 23 محرم 1429هـ