العدد 1975 - الجمعة 01 فبراير 2008م الموافق 23 محرم 1429هـ

رسائل فناني «درة المهرجانات»:...فنانون للشعب وآخرون يقبّلون تراب الوطن وباحثون عن الإحساس والاحترام

يزجّون برسائلهم في عنق الزجاجة، ويلقون بها إلى أغوار بحور إحساس جمهورهم لتتمايل على ألحان تدغدغ مسامعهم خلال مشوار فني طويل. بعضهم يدق على أوتار الحب والرومانسية، والبعض الآخر يقبّل بأغانيه تراب الوطن، ويشدوا بالوطنية، على حين يزف آخرون أغانيهم تجاوبا مع «الجمهور عاوز كده»، ولا تخلو الساحة الفنية من أسماء تغني للا شيء.

لكل منّا رسالة وهدف في الحياة والفنان ليس بمعزل عن هذا التوجه. فبالكلمة التي تغرد بإحساس الفنان على أغصان جمهوره قد تصل تلك الرسالة إلى بر الأمان وقد تتعثر وتصل إلى أبواب مغلقة وتعود لتجر أذيال الهزيمة لفنان أخطأ الهدف.

بعيدا عن أخبار الفنانين والفن من تزوج ومن نشب خلاف بينه وبين ذلك الفنان، من نعت الآخر بالأرجوز ومن نصب كمينا لزميله، بعيدا عن آخر أخبارهم الفنية التي لطالما تصدرت الملاحق الفنية وصفحات المنوعات وتناقلتها شاشات التلفزة وكأنها أخبار الساعة، بعيدا عن الصحف الصفراء نسجت قصصا من وحي الخيال واصطادت في الماء العكر وصولا إلى محاولة الإجابة عن سؤال لطالما دق أجراس الخطر. لمن يغني هذا الفنان؟ وأي رسالة يحمل في جعبته؟ وماذا يريد من جمهوره؟

أسئلة لطالما فكر فيها متابعو الحركة الفنية التي ضمن الغث والسمين. فمن رومانسية عبدالحليم إلى توارث هاني شاكر الحب في زمن غير زمنه إلى دق عود عبدالله رويشد تجد من يغني على السيارات وآخر للحيوانات وما زاد الطين بلة استغلال الأطفال والقضايا السياسية للترويج لألبوم أو كليب ورمي الرسالة والهدف من الفن عرض الحائط.

«الوسط» جالت للحظات في درة المهرجانات «مهرجان الدوحة التاسع» الذي انطلق جامعا الفن بالحضارة وومجدا خلال سبع ليالٍ عمالقة الفن المصري. فمن أوتار سيد درويش إلى ألحان السنباطي مرورا بنغم الموجي وبلاغة فن بليغ حمدي وانتهاء بمسك الختام وعبق الزمن الجميل في ليلة محمد عبدالوهاب أحيا أكثر من 30 فنانا عربيا تلك الليالي وشدوا بأحدث أغانيهم فضلا عن تمتمتهم بفِقرة تكريمة لأولئك الروّاد.

وفي تلك اللحظات ألقينا الكرة في ملعبهم ووجهنا سؤالا عن «الرسالة التي يحاولون خلال مشوارهم الفني إيصالها إلى جمهور لم يتردد في شراء ألبوماتهم أو اللحاق بشباك التذاكر لحجز مقعد أمام وصلاتهم الإغنائية؟».

مغنٍّ للشعب

الفنان الشعبي المصري أحمد عدوية الذي غنى من أحياء الحواري والزقاق واستقطب جمهورا لا يمكن التهاون بعدده لمع وسط الكبار وتألق بأغانٍ شعبية قريبة للقلب ببساطتها في خضم الرومانسية ورقي الكلمة ولاقى هجوما لم يثنه عن نهجه ليكوّن الطريق الذي اقتفاه من جاء بعده.

رأى خلال رده على سؤال «الوسط» على هامش فعاليات «مهرجان الدوحة التاسع» أن رسالته الفنية تكمن في الوصول إلى الشعب، معوّلا في ذلك على كونه «مغنيا للشعب». لذلك نذر نفسه لطرح قضاياه وهمومه وأفراحه ولحظاته بعيدا عن التكلف والتعقيد، على حين لم تبعد رسالة تلميذه حكيم عن هذا الإطار، والذي رد على سؤال «الوسط» بأن الهدف من أغانيه رسم الابتسامة على شفاه أثقلتها هموم الحياة وهذا ما يفسر ضحكه ورقصه في جميع أغانيه وإن كانت ذات طبيعة حزينة، نافيا أي تناقض بين إحساسه بالأغنية وطبيعته.

حلقة الوصل بين القديم والجديد والاسم الذي ظل مقاوما في زمن غير زمنه الفنان الكبير المصري هاني شاكر والقادر على صنع توليفة بالتعامل مع الجديد بعقلية القديم، رأى رسالته في مخاطبة جمهور يسمع ولا يتمايل على مقاعد المسارح ولم يخفِ تعبه من صعوبة التأقلم مع زمن غير الزمن الذي ظهر فيه.

الإحساس والمشاعر نفسها يتشاطرها مع الفنان هاني شاكر ابن بلده الفنان المصري إيمان البحر درويش الذي يطلع علينا بين حين وآخر ليثبت أنه مازال موجودا على الساحة الفنية وإن غثت باللاشيء. يرى في الفن رسالة مفاهدها جملة واحدة «البحث عن احترام الجمهور قبل حبه». لذلك تأتي أغانيه في هذا الصدد وتحترم أذن الجمهور، فضلا عن تقديم أفضل ما عنده وترك بصمة للناس لا تنسى فـ «العبرة في النوع لا الكم».

وأضاف أن «هذا الزمن هو زمن التخصص. لذلك يعمد إلى أن يكون كل شريط له يحمل لونا واحدا وطنيا، رومانسيا وقوميا».

الجسمي... بهار أغنية الإحساس

ملك الرومانسية والأغنية الشبابية الخليجية خفيف الظل الفنان الإماراتي حسين الجسمي رأى رسالته في «إيصال إحساسه إلى جمهوره»، وراهن على ذلك، معتبرا الإحساس بهارَ الأغنية وسرَّ نجاحها. أما الكلمات واللحن فبسهولة يستطيع الفنان الحصول عليها، على حين يصعب على أي فنان إيصال إحساسه بالأغنية إلى جمهوره. وهذا سر قبول الناس لبعض الأغاني ورفضها البعض الآخر وإن كان اللحن والكلمة قويين.

نبحث عن وطن

ومن بلد الرافدين من دجلة والفرات من أرض العراق كان الصوتان الشجيان كاظم الساهر وماجد المهندس. وبنبرة كلها ألم يعبران عن أن رسالتيهما من الفن هما البحث عن وطن بعد أن تمزقت أوصال وطنهما الأم. المهندس رأى في أغانيه الوطنية واجبا وطنيا وتكريما لتراب أرض اشتاق إلى تقبيله، على حين يرى الساهر أن أحضان الجمهور تعوضه عن فقد إحساسه بوطنه وأرضه مجبرا لا أبطالا.

العدد 1975 - الجمعة 01 فبراير 2008م الموافق 23 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً