العدد 1973 - الأربعاء 30 يناير 2008م الموافق 21 محرم 1429هـ

البْلُوْغَرْ أَحْمَدِيْ نَجَاد

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أقل من شهرين كتب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في مُدوّنته على الشّبكة الدولية للمعلومات والمُعنونة بـ «كتابات أحمدي نجاد الشخصية» أن الفرصة سَنَحَت له ليلة الثامن والعشرين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بأن يجلس مع عائلته ويقرأ معهم عهد الإمام علي بن أبي طالب (ع) لمالك الأشتر عندما ولاّه مِصر، ولأن نجاد دائما ما يُعرّف نفسه على أنه شخص مُتديّن، وقِيَمه تنبع من أصالة وتأسيسات إسلامية؛ فإنه دَرَجَ على تطعيم خطاباته الداخلية والخارجية بمسحةِ غَيْبٍ لافتة أصاب بها عدسة الصحافيين الأجانب في داخل إيران وخارجها، وتباهى بها أصحاب الذوات الدينية في محاضرهم.

يكتب أحمدي نجاد في مُدوّنته أن العهد المُرقّم بـ 53 من نهج البلاغة، هو أفضل دليل ومنهاج للإدارة الإسلامية، داعيا الجميع وخصوصا أعضاء حكومته من الوزراء والمساعدين والتنفيذيين أن يُبادروا لقراءة النهج والعهد معا، ثمّ خصّ القراء بمقتطفات منه ذيّلها أسفل كتابته «إِيَّاكَ وَاَلْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ أَوِ اَلتَّزَيُّدَ فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ أَوْ ‏أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ فَإِنَّ اَلْمَنَّ يُبْطِلُ اَلْإِحْسَانَ وَاَلتَّزَيُّدَ ‏يَذْهَبُ بِنُورِ اَلْحَقِّ وَاَلْخُلْفَ يُوجِبُ اَلْمَقْتَ عِنْدَ اَللَّهِ وَاَلنَّاسِ، قَالَ اَللَّهُ ‏تَعَالَى كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اَللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ».

بالرجوع إلى المعيارية القِيَمِيّة التي تحكم اليمين المحافظ في إيران ونظرته للسياسة؛ فإن للرئيس محمود أحمدي نجاد بين مسطرة اليمين المُمتدة زوايا متعددة، بعضها يحمل الشكل الحاد والآخر يحمل الأشكال الناعمة والمتبدلة الخاضعة للزمكان، فهو في الجوانب العقائدية يُمثّل الزوايا الحادّة، وفي الجوانب السياسية يُمثّل عصب إعادة النظرة من جديد نحو نقطة المصلحة التي توارث على حملها شيوخ المحافظين من دون ممانعة من أحد، بل حتى الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي يُعتبر قطب الرحى في الكثير من أوجه النظام السياسية والاقتصادية والثقافية وحتى التاريخية لم يكن ليستطيع الخروج من كهف المحافظين بذات الشّهيّة التي أرادها له كوادر البناء المُنشقّين كيمين وسط بين الأحزاب الإيرانية، وربما استطاع الفيلسوف القُمّي المعروف آية الله الشيخ مصباح اليزدي القفز على رهانات اليمين المحافظ ولكن إلى الضفّة التي تُحترم فيها أدبياته بصورة أكثر راديكالية، وفي الحالتين مساحة كبيرة من الاختلاف. في الشّكل الذي يتمثّل فيه الرئيس أحمدي نجاد بشقّيه العقائدي والسياسي تكون النظرة متداخلة ومتشابكة، وقد يُقْبَلُ أحمدي بأنه نصير لمشروع الانتظار المهدوي، لكنه يتحوّل إلى نقطة جدل في تمثّله بالقيمومة على تلك النُصرة من باب السياسة، وما يُصاحبها من آليات تحريك لمقدرات تاريخية لليمين المحافظ.

في الانتخابات الرئاسية التاسعة التي فاز فيها أحمدي نجاد كان العارف آية الله الشيخ عبدالله الجوادي الآملي من مُناصري الشيخ الرفسنجاني بقوة لاعتبارات دينية وسياسية وتاريخية، وبعد الانتخابات سارع الرئيس أحمدي نجاد إلى زيارة الشيخ الآملي في منزله بمدينة قُم المقدّسة وتقبيل يده حاملا إليه تفاصيل ما حدث له من “كرامة غيب” أثناء زيارته لمبنى الأمم المتحدة في نيويورك قبل أقل من حول، والتي راجت حينها كالنار في الهشيم، فنجاد يفهم جيّدا أن جنبة العقيدة مهمّة لاستحصال المباركة السياسية، وما بين خطّي العقيدة والسياسة تُحيل الحكومة النجادية المحافظة تعثّر التنفيذ على الغيب لإيقاف كثرة الثلج المتدحرجة ما أمكن، واستدراك الثانية بالأولى أو التعبّد بها، وهي إحدى الشئون الخفيّة للمحافظين أو للإسلام السياسي في صيغته اليمينية في الجمهورية الإسلامية.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 1973 - الأربعاء 30 يناير 2008م الموافق 21 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً