العدد 1973 - الأربعاء 30 يناير 2008م الموافق 21 محرم 1429هـ

من «المنبر» إلى نجاتي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل ثلاث ليالٍ احتفلت جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي بالذكرى الخامسة لإطلاق نشرتها «التقدمي»، مع تدشين موقعها الإلكتروني، بحضور عشراتٍ من الأعضاء والصحافيين والضيوف.

الجمعية هي النسخة المحدثة لـ «جبهة التحرير»، وهي من أقدم الحركات السياسية في الخليج، ولها شخصياتها ورموزها المعروفة في الساحة السياسية والثقافية، ومما يدعو إلى الاحترام أن كثيرين منهم مازالوا مخلصين لجذورهم الفكرية المستقاة من النظرية الماركسية، في عالمٍ يشهد الكثير من التحوّلات والتقلبات.

نشرة «الديمقراطي» كانت تصدر في أيام القمع السياسي باسم مختلف وتوزّع سرا، وبعد أن اتسع صدر النظام للمعارضة، خرجت الحركات السياسية المختلفة للعمل فوق الأرض. فالكل يريد الخير للبلد من خلال منطلقاته الفكرية ومبادئه السياسية، ولا مجال لمزايدة الأقلام الموتورة لتحريض أجهزة الأمن باختلاق الأكاذيب والتهويلات.

الشيخ حسين النجاتي وضع النقاط على الحروف في لقائه أمس الأول مع «الوسط»، بكلام صريح لا يقبل سوء الفهم أو التأويل عن نظرية «ولاية الفقيه». لسنا معنيين بالجانب الفقهي؛ لأنه مبحث خاص بالفقهاء، وما يهمنا الجانب السياسي الذي يريد البعض استغلاله ضمن أجندة التحريض وتأليب أجهزة الأمن ضد القوى السياسية والمجتمع المدني.

النجاتي نفى وجود «مشروع ولاية فقيه» في البحرين إطلاقا لدى التيارات «الشيعية» فكل ما تسعى إليه «تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين». وبلغةٍ سياسيةٍ صريحة «إحقاق الحقوق الطبيعية للمواطن، والطموح لدستور عادل ودوائر انتخابية تفرز مجلسا تمثيليا حقيقيّا، ووقف التمييز والتجنيس السياسي». ولم يفته تأكيد المساحة المشتركة مع التيارات الأخرى، والاتفاق حتى مع العلمانيين، فـ «ليس لدينا مطلبٌ غير العدالة»... فهل هذا كثير؟

في الوضع السياسي الراهن، هناك توجهٌ عامٌ لدى مختلف التيارات الوطنية للمطالبة بالحقوق المدنية والاقتصادية اعتمادا على قاعدة العدل والمساواة، وهو توجّهٌ سيزداد قوة في السنوات المقبلة، مع زيادة ما تفرزه سياسات التمييز والتجنيس من ثمارٍ مُرّة. وفي المقابل، هناك من يحاول إشغال الساحة أو تحريف البوصلة بالنفخ في قضايا الخلافات المذهبية، حتى وصلت البرلمان لإعاقته من تأدية دوره المطلوب.

النجاتي كشف محاولات «المتسلّلين» بغرض التشويه والتحريف حين يصل الأمر إلى المطالبة بالحقوق، بل إنها أشبه بضربة معلم حين أعلن استعداده للدفاع عن النموذج البريطاني والأميركي من الديمقراطية، بقوله: «فليطبقوا هذين النموذجين ونحن مستعدون للدفاع عنهما». بل ذهب إلى آخر الشوط في إزالة الشكوك حين أعلن بقوةٍ ووضوح: «نحن لا نريد النموذج الإيراني، بل نريد تطبيق النموذج البريطاني في البحرين على غرار الديمقراطيات العريقة المنصوص عليها في الميثاق».

نظرية «ولاية الفقيه» اجتهادٌ طرحه أحد كبار رجال الدين في العصر الحديث، والذي اختلفت في شخصيته الملايين حبا وكرها. وهي من التجارب النادرة في نجاح حركةٍ إسلاميةٍ في إقامة نظامٍ إسلامي متماسك، بعد سقوط الخلافة العثمانية. ولعل من أسباب جاذبيتها حفظ استقلالية إيران وعملية التنمية والتصنيع، يقابلها الانهيار السياسي الشامل في عالمنا العربي، ونشاهد آخر مظاهره في غزة.

من «المنبر الديمقراطي» و «وعد»... إلى «أمل» و «الوفاق»، ليس هناك في البحرين من يفكّر في غير ولاية «العدالة والمساواة والحقوق».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1973 - الأربعاء 30 يناير 2008م الموافق 21 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً