العدد 2284 - السبت 06 ديسمبر 2008م الموافق 07 ذي الحجة 1429هـ

أسعار النفط تدق نواقيس الخطر

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

واصلت أسعار النفط تراجعها مع نهاية الأسبوع الماضي مع استمرار الخوف من حدوث ركود عالمي وتدهور الطلب على الوقود في الولايات المتحدة تحت وطأة الأزمة المالية. فقد تراجع الخام الأميركي ليصل إلى 46,79 دولارا للبرميل. وخلال يومين فقط هوت أسعار مزيج برنت من 45,44 دولارا للبرميل إلى 39,74 دولارا في تعاملات سوق لندن، وذلك في أدنى مستوى له منذ يناير/ كانون الثاني 2005. ويعود تراجع أسعار النفط إلى ضعف الطلب عليه بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية والركود الذي تشهده الدول الصناعية المستهلكة للنفط، وخصوصا السوق الأميركية، فوفقا لتقرير كشفت عنه إدارة معلومات الطاقة الأميركية صدر الأربعاء الماضي، سيتراجع «الطلب الأميركي على منتجات النفط 6,2 في المئة عنه قبل عام في حين شهدت مخزونات النفط الخام والوقود المكرر انخفاضا عاما مفاجئا».

ولن يقتصر الأمر على السوق الأميركية وحدها، فقد أعلنت الوكالة الدولية للطاقة، التي تتخذ من باريس مقرا لها، توقعاتها «بانخفاض استهلاك النفط العالمي للشهر الثالث على التوالي، (وأنه) لن يكون هناك سوى نمو طفيف في استهلاك الطاقة خلال العام 2009».

هذا التدهور السريع لأسعار الوقود الذي بلغ أدني مستويات له في أربعة أعوام، دفع أعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) للدعوة إلى اتخاذ إجراءات قوية حينما تجتمع المنظمة في الجزائر في 17 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

الجديد في موضوع تراجع أسعار النفط هو عمق تأثيراتها السلبية على اقتصادات الدول العربية، وخصوصا الخليجية منها، وخططها التنموية، والتي تم تصميمها على أساس أسعار أعلى من ذلك بكثير (ربما البحرين أكثرها اقترابا من الأسعار المتوقعة؛ إذ رصدت الموازنة على أساس 60 دولارا للبرميل)، هو أنها تترافق مع مجموعة من المستجدات السلبية من بين أهمها: الأزمة الإقتصادية العالمية؛ إذ يشهد العالم من دون استثناء أزمة إقتصادية، لم تعد مالية فحسب، تعصف بركائز اقتصادات دولية كانت راسخة مثل الولايات المتحدة وألمانيا؛ بل وحتى اليابان. هذه الأزمة ستفرض ركودا، من المتوقع أن يكون طويلا بالمعايير الإقتصادية؛ الأمر الذي يضرب في العمق المشروعات التنموية في تلك البلدان، يقود إلى ركود في دورة الإقتصاد فيها، تتراجع بموجبها حركة الإستيراد للبضائع الأجنبية، بما فيها مصادر الطاقة مثل النفط. النتيجة المنطقية المركبة من وراء ذلك، تراجع في الطلب، يتبعه ركود في السوق النفطية، يقود إلى تردٍ في الأسعار، ونقص في كميات الطلب. محصلة ذلك تراجع في دخول الدول الخليجية المصدِّرة للنفط، فتعاني منه خططها التنموية.

تراجع حجم المساعدات المطلوب تقديمها للدول النامية، فعلى رغم ارتفاع القيمة المطلقة لها من 60 مليار دولار إلى 100 مليار، لكنها ما تزال دون مستوى النسبة التي حددها ملتقى مونتيريه الإقتصادي العالمي، وهي 0,7 في المئة من الناتج القومي للدول الغنية. الأسوأ من ذلك، هو موضوع الاستدانة، فبينما راوحت - لم تتراجع - مديونيات الدول منخفضة الدخل في مكانها، وجدنا ارتفاعا كبيرا في ديون الدول متوسطة الدخل بلغت نسبته 60 في المئة. هذه الحالة تعني شللا جزئيا، قد يتطور إلى كلي، فيما لو تفاقمت الأزمة العالمية، في اقتصادات تلك الدول، سيؤثر سلبا على حجم التبادل التجاري بينها وبين الدول النفطية، نظرا لتقلص مخصصات الإنفاق على بنود الطاقة على صعيد تلك البلدان، ومن ثم تراجع مداخيل البلدان الخليجية النفطية. هذا يؤدي إلى معاناة موازنات هذه الأخيرة من جراء النقص في مداخيلها.

الإرتفاع في أسعار المواد الغذائية: يصاحب التراجع في المداخيل، ارتفاع كبير في المصروفات؛ إذ تعم العالم اليوم موجة أخرى هي الارتفاع الشديد في أسعار المواد الغذائية، وبما أن الدول الخليجية ما تزال تستورد نسبة عالية من موادها الغذائية من الخارج، فمن الطبيعي ان تكون من بين أكثر المتضررين بهذا الإرتفاع في الأسعار. نتيجة ذلك زيادة ضخمة في المدفوعات تلتهم نسبة عالية من أي إحتياطي، هذا في حال وجوده، تم رصده لمواجهة الأزمات الطارئة.

التضخم المستورد؛ إذ لا ينحصر التضخم الذي يفترس ما تحصله الدول الخليجية من مداخيل مصدرها النفط المصدَّر، من عوامل السوق المحلية، فهي إلى جانب ذلك تستورد نسبة تضخم عالية من جراء ارتباط اقتصاد معظم البلدان الخليجية، بما في ذلك العملات، بالإقتصادات الغربية، وخصوصا السوق الأميركية والدولار

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2284 - السبت 06 ديسمبر 2008م الموافق 07 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً