الأحداث تمر بسرعة هذه الأيام... فقبل فترة كنا نتحدث عن سعر يقارب 150 دولارا لبرميل النفط، والآن أصبح بـ 35 دولارا، وهناك مخاوف من نزوله أكثر إلى 25 دولارا وبقائه على مستوى متدنٍ لفترة قد تطول. وبسرعة تحولت الأزمة الأميركية إلى أوروبية ثم إلى آسيوية ثم خليجية والآن أصبحت محلية. وتأثير هذه الأزمة غريب جدا في مختلف أنحاء العالم، والسياسيون في عدد من الدول من الذين كانوا يفقدون شعبيتهم أصبحوا حاليا شعبيين لأنهم بادروا إلى معالجة قضايا تهم الناس مباشرة، ومثال ذلك رئيس الوزراء البريطاني الذي كانت الاستطلاعات تعطيه 20 نقطة أقل من منافسيه ولكنه الآن اقترب من إغلاق تلك الفجوة، وذلك بعد أن ظهر وكأنه الرجل الذي يستطيع تقديم الحلول ومعالجة الأمور المستعصية.

لاشك أن الأزمة المالية العالمية كبيرة، وعلى الرغم من محاولة المسئولين في بلداننا إقناعنا بأننا لسنا جزءا من الكرة الأرضية، وعليه فإن انتشار الديمقراطية على كرة الارض لايعني انتشارها في بلداننا، وكذلك انتشار الأزمة المالية على الكرة الأرضية لايعني انتشارها في بلداننا... رغم كل هذه الادعاءات الباطلة، إلا أننا جميعا نعلم أن العالم كله أصبح قرية صغيرة يتأثر كل واحد منا بما يجري فيه، وأننا في حال لم نكن مؤثرين في كرتنا الأرضية، فإننا من دون شك متأثرين بما يجري فيها.

الاقتصاد العالمي يمر بأزمة، وهذه الأزمة ربما تستمر سنة ونصف أو أكثر، ونشاهد حاليّا آثار الأزمة في الواقع اليومي المعاش، والناس بدأت تتحدث عن مزيد من المتاعب التي ستضاعف الأثقال على كواهلهم. فالمواطنون في البحرين يعانون من عدة مشكلات، ومن أهمها: أزمة السكن، وغلاء الأسعار، وهذا كله يضغط في الاتجاه المعاكس لكل ما ننشده جميعا بالنسبة إلى مستوى المعيشة.

ربما أن العام 2008 وفر للحكومة فرصة لدفع علاوة للغلاء بسبب فائض الموازنة الناتج عن زيادة سعر النفط، ولكن ماهو العمل في 2009؟ وكيف ستتعامل الحكومة مع تداخل مشكلتين مزمنتين في بعضهما بعضا، الغلاء والسكن؟ ففي الوقت الحالي يقرأ المواطن أخبارا متناقضة عن منح رخص لبناء المزيد من المدن والمناطق الاستثمارية ذات الأبراج العالية التي لايستطيع المواطن الوصول إليها، ويختفي الأمل في الوقت ذاته بالنسبة إلى المدن والوحدات السكنية التي تلبي الطلبات المتراكمة