لن يكون من السهل علينا أن نخط أسطرا تجامل واقعنا البحريني, ولن يكون أيضا من السهل أن نتجاهل قضايا مازالت تقلق بال المواطن حتى تحوّلت إلى همٍّ مع استمرار «العبثية» التي تهرول ممارساتها هنا وهناك.

هذه «العبثية» التي تمارس في ضرب وحدة الشعب البحريني الأصيل سنّة وشيعة بشعب آخر مستورد لن تجني ثمارها لصالح أحد على اعتبار أنها «مفروضة» وجسم غريب دخل على المجتمع من دون أية قيود، فسلبياتها أكثر من إيجابياتها وخصوصا أن قنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة داخل مجتمعنا إن لم يتوقف مسلسل «التجنيس»، وهي لن تكون أشد وطأة من القنبلة التي يتوقعها وزير العمل البحريني مجيد العلوي من جراء تفاقم العمالة الآسيوية الوافدة في الخليج، كما صرح حديثا للصحافة العربية.

فحتى العمالة الآسيوية الوافدة أو المهاجرة التي تطالب بحقوقها وتحسين أوضاعها في دول الخليج أصبح عدد ليس بقليل منها مواطنا يتمتع بشرف الجنسية البحرينية... هكذا أصبح حال جوازنا الأحمر سريع الانتشار وسريع المفعول مثل حبة الأسبرين, كلّ يستفيد منه ويترزق منه على حساب البحريني المغلوب على أمره الذي تكمن مشكلته في أزمة الثقة بينه وبين الدولة التي هي الأخرى لا تلتزم بواجباتها إزاء حقوقه المدنية.

فذلك أمر لا يمكن أن نغض أبصارنا عنه بل ويجعلنا في وضع حرج وصورة غير واضحة المعالم لشكل البحرين مستقبلا مع هذا الكم البشري الذي ينافس المواطن ولعلّنا نلمس ذلك في المجمعات التجارية والمراكز الصحية والمستشفيات وغيرها.

لقد بدأنا نشعر بغربة داخل وطننا في ظل غياب ممارسات حقيقية للديمقراطية والعدالة الاجتماعية بينما تصرف الأموال «بالهبل» على استيراد شعب وأخرى دعائية من أجل الاستثمار لصالح توفير فرص عمل لأبناء الشعب المستورد والأجانب.

ردود الفعل ستبقى وستزداد يوما بعد يوم وسنة بعد سنة بدليل ردود القراء والشارع بمختلف طبقاته وأطيافه، وهو أمر قد يفرض علينا أسلوبا لم يكن على البال، وخصوصا أن أهل البحرين يرفضون مبدأ التجنيس من أجل التغطية على قضايا الوطن الأساسية... كما أن دفاع بعض النواب لهذا المبدأ لا يعبّر إلا عن حماية المكتسبات التي يحصدونها من جراء هذه التعليقات والمواقف التي سيدفع ثمنها أيضا أبناؤهم وأبناء غيرهم. وهي قضية ليست ضد طائفة دون أخرى بقدر ما هي قضية وطن قد ينشطر مجتمعه في أية لحظة تخلق فيها أزمات نحن في غنى عنها...