العدد 1971 - الإثنين 28 يناير 2008م الموافق 19 محرم 1429هـ

الكومنويلث الهندي والصيني بدلا من البريطاني

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مفهوم «الكومنويلث» انطلق في العصر الحديث كفكرة بريطانية، وذلك بعد أن لاحظ الساسة البريطانيون في نهاية القرن التاسع عشر أن مستعمراتهم بدأت تتكون كأمم مستقلة (دخل المصطلح في القانون البريطاني في العام 1931)... وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في 1945 اتفق المجتمع الدولي على إنهاء الاستعمار ومنح الاستقلال للدول التي تطلب تكوين كياناتها السياسية... وعلى أساس ذلك، بدلت وزارة المستعمرات البريطانية اسمها إلى وزارة الخارجية والكومنويلث، والمقصود بالكومنويلث هو الدول التي استقلت عن التاج البريطاني، وأصبحت عضوة في منظمة دولية جديدة، تقع بريطانيا في مركزها كمرشدة وقطب رحى. وقد كانت الفكرة مريحة للساسة البريطانيين الذين لم يكونوا قد اقتنعوا آنذاك بأن عهد الإمبراطورية البريطانية العظمى قد ولى.

بريطانيا رفضت الانضمام إلى السوق الأوروبية المشتركة في 1957 لأنها اعتقدت أن رابطة الكومنويلث أقوى وأفضل لها من الاشتراك مع منافسيها الأوروبيين في تحالف اقتصادي، ولكنها سرعان ما اكتشفت خطأها في العام 1962 عندما بدأت القوة الاقتصادية الأوروبية تتصاعد، وعندها حاولت بريطانيا الدخول في السوق الأوروبية (التي تسمى حاليا الاتحاد الأوروبي)، ولكن فرنسا عطلت دخولها أكثر من عشر سنوات، ولم تدخل بريطانيا إلا وكان موقعها الاقتصادي قد نزل كثيرا (حينذاك) عما كان عليه في السابق. ومنذ ذلك الحين، فإن منظمة الكومنويلث هبطت في قيمتها السياسية والاقتصادية، وأصبحت الآن مجرد رابطة رمزية تؤتي بعض الفوائد، ولكنها أقل بكثير مما كان متوقعا منها عند التأسيس.

فكرة كومنويلث أخرى فشلت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي في 1991، وضمت هذه الرابطة الجمهوريات السوفياتية السابقة، ولكن الفكرة مماثلة لبريطانيا، إذ إنها كانت محاولة للقول إن إمبراطورية الماضي لم تفشل، وإنما تمر في مرحلة انتقالية تتطلب تشكيلة معينة تتخذ من فكرة الكومنويلث وسيلة لذلك.

لكن هناك الآن فكرتين لكومنويلث صاعد، وهما رابطتان جديدتان تنموان بشكل مختلف... فالهند والصين دولتان في طور النمو لتصبحا قوتين عظميين في المستقبل القريب، وهاتان الدولتان لديهما جاليات كبيرة جدا منتشرة في كل أنحاء العالم، وهذه الجاليات أصبحت متمكنة اقتصاديا وسياسيا في كثير من بقاع العالم، وهي مازالت ترتبط ثقافيا واجتماعيا مع موطنها الأم. وعليه، فإن فكرة كومنويلث صيني، وكومنويلث هندي، مؤهلة للنجاح أكثر من الفكرة البريطانية أو الفكرة السوفياتية، وذلك لأن الهنود والصينيين متجانسون ثقافيا واجتماعيا مع وطنهم الأصلي، والشعور بالانتماء للبلد الذي يعيشون فيه لا يتضارب بالضرورة مع شعورهم بالانتماء لوطنهم الأم.

في الخليج والمنطقة، كانت عدة دول مؤهلة للدخول في الكومنويلث البريطاني، ولكنها لم تحبذ الفكرة بعد استقلالها... غير أننا قد لا نمتلك خيارا في الانضمام لكومنويلث هندي في المستقبل، لأن لدينا حاليا في الخليج شعبا هنديا متكامل المعالم ولا نستطيع الاستغناء عنه، وهذا الشعب سيحصل على مستحقات نفوذه في يوم من الأيام وحينها قد نجد أنفسنا جزءا لا يتجزأ من الكومنويلث الهندي.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1971 - الإثنين 28 يناير 2008م الموافق 19 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً