العدد 1970 - الأحد 27 يناير 2008م الموافق 18 محرم 1429هـ

دورات تدريبية لمواجهة الطلاق

الشيخ محمد الصفار mohd.alsaffar [at] alwasatnews.com

إذا قبلنا بقيادة السيارة في مجتمعنا من دون الخضوع إلى برنامج تأهيل وتدريب للسائق على ما يؤهله للقيادة، فإننا سنكون أمام وضع صعب، وسنشاهد الضحايا تتساقط يوميا أمام أعيننا، كما سنرى مئات الحوادث التي تؤذي الناس وتخسرهم سعادتهم واستقرارهم.

وإذا قبلنا بمعلمين ومعلمات يؤخذون من تخصصاتهم التي لا علاقة لها بالمواد التي يدرسونها فنحن أمام عدد متكاثر من ضحايا الجهل، ناهيك عن أعداد من التائهين الذين لا يعرفون مما يتعلمونه إلا التقاطيع والمفاصل التي لا رابط بينها يمكنه أن يجمعها كعلم ومعرفة، ليس لقصور في هؤلاء المعلمين، بل لأنهم لم يخضعوا لما يساعد إمكاناتهم الذاتية على العطاء والإبداع، عبر الدورات والكليات المختصة بتخريج الكادر المناسب.

لقد كتب الزميل هاني بن عبدالله الملحم عن تجربة الدولة الماليزية في تدريب الحجاج قبل أشهر من توجههم للحج، فأشار إلى مؤسسة ضخمة، تعرف بمؤسسة «طابون الحج» أو صندوق الحج، يبلغ عدد موظفيها المسجلين 1600 موظف.

هذه المؤسسة تعمل منذ ثلاثين عاما، ومهمتها الأساسية تدريب الحجاج على مناسك الحج قبل ستة أشهر من الحج، مع إلزام كل متدرب منهم أن يلبس الملابس الخاصة بالحجاج (الاحرام) حتى يألفوها، وهو السر كما أعتقد في حركة الحجاج الماليزيين الروحانية والهادئة والمنظمة.

مقابل هؤلاء نرى أعدادا غفيرة من ضيوف الرحمن الذين لا يعرفون من وإلى أين يتجهون في أداء مناسكهم إلا بسؤال أيّ شخص رأوه، ليسرعوا إلى تنفيذ ما قاله من دون تأكد، هذا بمعزل عن تصرفاتهم غير المحتملة أحيانا أثناء الطواف ورمي الجمار وغير ذلك من أعمال الحج ومناسكه.

مع اختلاف الحياة الأسرية عما حضرني من أمثلة إلا أن هناك جهات تطابق بين الأمرين، والمعنى أننا لو استمر وضعنا على ما هو عليه وهو الزواج من دون الالتزام والإلزام بدورات تدريبية مجانية أو مدفوعة، مُعَدَّة من قبل جهة رسمية، أو بالتوافق بين الجهات الرسمية والمؤسسات المدنية الاجتماعية التي تعتني بهذا الشأن، فإننا في الغالب سنكون أمام أسر تتفتت وتنحلّ عن طريق الطلاق أو تدابر الزوجين وعزوفهما عن بعضهما إذا تعسّر الطلاق لأيِّ سبب كان.

وسنلتقي بضحايا من الرجال والنساء والأطفال، وفي أحسن الفروض سنلتقي بمن نجا من الأزمات منهم لكنه مصاب بالكثير من العقد والأمراض النفسية.

لقد أعلن مصدر سعودي مسئول أن نسبة وقوع الطلاق في المملكة ارتفعت حتى وصلت إلى 35 في المئة خلال العام الماضي (2007م).

وقال وكيل وزارة الشئون الاجتماعية للرعاية والتنمية عوض بن بنيه الردادي في بيان له وُزِّعَ أمس: إن نسبة الطلاق في المجتمع السعودي بلغت 35 في المئة خلال العام الماضي، بينما لم تتجاوز هذه النسبة 19 في المئة خلال العام 2001م، بحسب إحصاءات وزارة العدل.

وكان إجمالي عدد حالات الطلاق في العام الماضي 18765 حالة بين 90983 حالة زواج، وسجلت أعلى معدلات الطلاق في الشريحة العمرية من 20 إلى 30 سنة، وانخفضت حالات الطلاق بالنسبة إلى الإناث بعد 39 سنة، بينما تصل عند الرجال إلى معدلات مقاربة بعد سن الـ 50.

بينما أعلنت الدكتورة نورة الشملان أن «معدلات الطلاق في السعودية ارتفعت من 25 في المئة إلى60 في المئة، كان هذا قبل قرابة العام تقريبا الـ 20 سنة الماضية».

أمام العدد المتكاثر لحالات الطلاق في بلادنا لابد من قرار جريء يلزم المقبلين على الزواج بالانخراط في الدورات التأهيلية لاستقبال حياتهم الأسرية، ومسئولياتهم الجديدة في بيئة تضم زوجة وأولادا.

ويمكن تحقيق ذلك من خلال ربط العقود في المحكمة بشهادة يقدمها الخاطب على إكماله دورة يعتد بها من حيث عدد الساعات وأماكن التدريب والمدربين الذين أشرفوا على الدورة، بحيث لا يتم العقد إلا بهذه الشهادة الموثقة.

ويمكن ربط السلفة التي تُعطى للزواج كذلك بمثل هذه الشهادة أو زيادة السلفة ومضاعفتها لمن تقدم لها وبيده شهادة تثبت أنه أنهى دورة تدريبية متكاملة عن الحياة الزوجية.

إن التصاريح التي تحدثت عن تضمين الكتب المدرسية لمثل هذه البحوث الأسرية والزوجية يجب ألا تثنينا عن قرار شجاع بهذا الاتجاه، لأن أغلب تلك الدروس ستأتي في فترة لم يتبلور الزواج فيها بعدُ في ذهنية الشاب أو الفتاة، كما أن الدراسة في المدارس يشوبها الكثير من دفع الشباب للنجاح، وعدم تعطيل مسيرتهم العلمية والبنائية بسبب مثل هذه المواد التي ستعتبر مواد إضافية.

إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"

العدد 1970 - الأحد 27 يناير 2008م الموافق 18 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً