العدد 1970 - الأحد 27 يناير 2008م الموافق 18 محرم 1429هـ

عمالة مهاجرة وليست وافدة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

منذ فترة ودول الخليج العربية تحاول إدخال مصطلح «العمالة الوافدة» في القاموس السياسي، ولكن من دون جدوى. فالعمالة الوافدة تعني أن شخصا ما يفد على بلد من البلدان لفترة زمنية محددة ومن ثم يخرج منها، تماما كما يذهب شخص ما إلى أستراليا مثلا لأربع سنوات للدراسة. وهذا الشخص لا تنطبق عليه حقوق المهاجرين إلى تلك البلاد، ولا يدخل ضمن اتفاقات الأمم المتحدة المعنية بالعمالة المهاجرة. أما ما لدينا في الخليج فهي عمالة «مهاجرة» وليست وافدة، وهي جاءت لتبقى مدة طويلة جدا تؤهلها مباشرة للحصول على حقوقها المنصوص عليها في الاتفاقات الدولية.

وكان مجلس التعاون قد حاول فرض 6 سنوات كمدة لبقاء الأجنبي، ولكن هذا الطلب سقط مباشرة ولم تعره أية دولة أي اهتمام... بل على العكس، فعندما صدر هذا القرار من مجلس التعاون قبل ثلاث سنوات كانت البحرين تحتوي على أجانب يمثلون 38 في المئة من السكان، أما الآن فإن الأجانب يمثلون 49 في المئة من السكان، ومن المتوقع أنه في خلال 2008 يصبح عدد الأجانب أكثر من عدد المواطنين، وبذلك تلتحق البحرين بركب الإمارات وقطر التي يغرق سكانها في وسط بحر هائج من العمال الأجانب الذين تعتبرهم الأمم المتحدة عمالة مهاجرة وليست عمالة وافدة.

العمال المهاجرون لهم حقوق مدنية، وتتطور إلى الحقوق السياسية والمواطنة مع طول المدة، ولا يمكن لأية دولة أن تطرد مهاجرين بجرة قلم... وفي مطلع الثمانينات كانت إحدى دول الخليج قد حاولت التضييع على العمال الهنود وتدخلت الهند - في عهد انديرا غاندي - ومنعت ذلك، والهند لديها وزير متخصص في الجاليات الهندية في الخارج، والنخبة الهندية تتحدث عن مستقبل يتكون فيه «كومنويلث هندي» يتكون من الجاليات الهندية في كل أنحاء العالم، وهذه الجاليات لديها بلديون ونواب ووزراء في تلك البلدان، ويرتبطون بالبلد الأم عبر روابط اقتصادية وثقافية واجتماعية، ويعززون التأثير الهندي المتنامي عالميا.

حاليا، فإن عاصمتنا (المنامة) أصبحت جزءا من الهند أكثر منها جزءا من البحرين، وهناك منطقة أصبحت جزءا من الفلبين، وقريبا - مع التجنيس المتسارع - ستصبح لنا مناطق أقرب إلى بلدان شرق أوسطية منها إلى البحرين... اللهم سوى الحصول على الثروة من البحرين، وزيادة التحويلات المالية إلى خارج البحرين، وهذه التحويلات ربما تعادل مدخول البحرين من النفط... بمعنى آخر، ما نحصل عليه من النفط يتم تحويله إلى الخارج من دون أن يتحول إلى دورة اقتصادية داخل البلاد.

وبحسب تقديرات الإحصاء في العام 2005 كان عدد السكان في البحرين يصل إلى 725 ألف نسمة، من بينهم 4495,00 مواطن (62 في المئة من السكان)، و275,500 أجنبي (38 في المئة من السكان)... أما تقديرات العام 2007 فتقول إن عدد السكان بلغ أكثر من مليون نسمة (تحديدا 1,046,814 شخصا) من بينهم 529,446 مواطنا (51 في المئة)، أما الأجانب فعددهم 517,368 (بنسبة 49 في المئة). وعلى هذا الأساس فإن عدد البحرينيين ازداد بنسبة 15 في المئة (نحو 80 ألف نسمة) إذا أخذنا الفرق بين التقديرين الإحصائيين في العامين 2005 و2007، بينما ازداد عدد الأجانب إلى نحو 242 ألف نسمة (بنسبة 47 في المئة).

وإذا أضفنا كل هذه الحقائق لمشكلة التجنيس التي نعاني منها، فإننا بالفعل مقبلون على مستقبل غير واضح بالنسبة إلى آثار مثل هذه التركيبة السكانية على كل شيء، بما في ذلك الجانب السياسي.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1970 - الأحد 27 يناير 2008م الموافق 18 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً