الكثير من الأسر البحرينية تشدقت بالأربعين مليون دينار التي أعلنت الحكومة تخصيصها لمواجهة الغلاء... أضحكتني كثيرا مقولة أحد الاقتصاديين المعروفين حين قال «نريد عمل ندوة متخصصة للأربعين مليونا قبل أن يصرفوها»، وكأنه تنبأ بأن لا يتم التعامل بشكل جيد مع هذا المبلغ، لكنه للأسف لن يسعه تنظيم مثل هذه الندوة لأن المبلغ على ما يبدو قد تقلص وأن آليات الصرف قد حددت، فلم تفلح جهود هذا الاقتصادي في تدارك ما سيحصل من تصرف غير حكيم يخشى منه لصرف المبلغ المذكور.

مشكلة الغلاء أكبر من الأربعين مليون دينار، وأخشى ما أخشاه أن يكون هذا المبلغ ليس أكثر من كمامة أفواه تلهي الناس عن حقيقة مشكلة الغلاء التي تتطلب جهودا أكبر من ذلك، لكن النواب أمام ضغط شعبي فالمسألة الحياتية ولقمة العيش أصبحت الهم الأكبر للناس حتى من المسائل السياسية.

فيما بقي النواب عاجزين حتى فترة قريبة من التوافق على حل ما يتجهون به إلى الحكومة برؤية موحدة وواضحة، ربما كانت هذه الخطوة لتنتشلهم نوعا ما من بعض الإحراج إزاء هذا العجز، وهم معذورون إلى حد كبير، فالمشكلة كبيرة وتصاب بها كثير من الدول على رغم أن المشكلة في البحرين تبدو أكبر مما يجب أن تكون عليه.

ربما على السادة النواب التفكير مجددا في الحلول الناجعة لمواجهة الغلاء وتلك طويلة الأمد، فهل توزيع النقود على الناس وزيادة سيولتهم لمدة عام أو أقل سيحل المشكلة العام المقبل؟! لا أعتقد ذلك شخصيا، الأجدى أن تتوجه مثل هذه الأموال لإقامة مشروعات إنتاجية تحل جزءا من المشكلة وخصوصا في المنتجات التي تعاني منها الأسواق، أو على أقل تقدير إقامة شركات لاستيراد المواد الغذائية أو الأدوية أو مواد البناء وتقديمها بأسعار أفضل.