لقد أبدعت وأقنعت وزارة التربية والتعليم في ردها الأخير على ما دار ويدور بشأن توظيف الأجانب في سلك الوزارة وغض الطرف عن المواطنين الذين ينتظرون في قطار الانتظار المتوقف سنين وسنين، وخصوصا حين قالت إنها غير مسئولة عن توظيف البحرينيين، وتحديدا أن توظيف الأجانب سيكون مؤقتاَ!
لا أدري عن المبرر الحقيقي الذي ساق وزارة التربية والتعليم لكتابة هذا الرد الذي لا ينم عن خبرة ولا دراية بطريقة إدارة الأمور، ولا أبالغ حين أقول أن الموضوع يمكن أن يعنون بإدارة «الأزمة»، وربما احتاجت الوزارة إلى دروس في طريق إدارة الأزمات، لأن ردها أزمة بكل ما تحمله الكلمة من معان، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعالج أزمة عبر خلق أزمة ثقة مع الطرف الآخر، وكلما كان رد الجهة - محل الاتهام - متشنجا هجوميا ولا يحوي أدلة دامغة، كلما أضعفها ذلك صدقيتها وهيبتها.
فما المقصود يا ترى بالتوظيف المؤقت؟ هل يعني ذلك أن الوزارة تبحث عن البديل المناسب من البحرينيين - غير المؤهلين في نظرها - وتخضعهم لدورات مكثفة لترفع من كفاءتهم العملية والعلمية، أم أن الهدف هو جعل الأجانب مؤقتين حتى «يطفش» البحريني من الانتظار ويبحث عن مهلة بديلة وهذا ما حدث فعلا فهناك بحرينيون نسوا حتى ما تعلموه لكثرة السنوات التي انتظروها وملوا من هذا الانتظار القاتل وقرروا الاستيقاظ من حلمهم الواهم وليعيشوا الحياة الواقعية بعيدا عن الوعود.
وما المقصود فيما ذهبت إليه الوزارة أنها ليست مسئولة عن توظيف البحرينيين؟ هنا نقف لنتأمل هذا الرد الخطير، فإذا كانت الوزارة تعتقد أنها أسكتت الأفواه بردها هذا، وتعتقد أن الهدف من هذه النقطة تحديدا أن تبين أن ديوان الخدمة هو من يوظف، فعليها أن تضع مبررات إلى عدد الأجانب غير المؤهلين الذين يشغلون مهن البحرينيين الأولى منهم، وعليها أن تراجع شكاوى الأهالي وهيئات التعليم والإدارة والطلبة على الأجانب، ولا مانع من أن تعمد الوزارة إلى إجراء استبانة سريعة لتتعرف على الوضع عن كثب، وحتى لو لم ترد الأخذ بنتائج الاستبانة فعلى الأقل سترى الناس أنها تهتم لرأيهم!
وبالرجوع سريعا إلى مصير مسيرة التعليم في البحرين، فلا يوجد مشكك على أنها تتهاوى، وخصوصا أننا نعلم علم اليقين أن الإحباط زعزع ثقة المدرس في نفسه وفي الجهة التي ينتمي إليها، فهناك كادر «مشلول» والآن لدينا سياسة تخبطية في استجلاب المدرسين الأجانب واحتلالهم مراكز البحرينيين... نتمنى أن تنتهي هذه الأزمة سريعا وأن تكون عواقبها أقل من المتوقع، وتبقى تلك مجرد أمنيات
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 2283 - الجمعة 05 ديسمبر 2008م الموافق 06 ذي الحجة 1429هـ