العدد 1963 - الأحد 20 يناير 2008م الموافق 11 محرم 1429هـ

الصين والنفط وراء عودة العلاقات الليبية- الأميركية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«ستُبصِر السنة الحالية انعطافا غير مسبوق في العلاقات الأميركية - الليبية، يجعل منا شريكا كاملا للولايات المتحدة في إفريقيا». هكذا توقّع مسئول ليبي، رفض الكشف عن هويته، مستقبل العلاقات الثنائية في الأمد المتوسط.

واستدل المسئول بمحطّتين مهمّتين، هما زيارة وزير الخارجية الليبي عبدالرحمن شلقم الأخيرة لواشنطن (وكان أول وزير خارجية عربي يدخل مكتب كوندوليزا رايس بعد حلول العام الجديد، وأول وزير خارجية ليبي تطَأ قدماه مبنى الخارجية الأميركية منذ سنة 1972)، والزيارة المرتقبة التي ستؤديها رايس لطرابلس في غضون الأشهر المقبلة.

ويذكر أن العلاقات الليبية الأميركية شهدت مرحلة طويلة من القطيعة وتبادل الاتهامات التي وصلت إلى حد شن غارة عسكرية أميركية على حي العزيزية في ليبيا العام 1986 استهدف بيت العقيد معمر القذافي شخصيّا،إلا أن السنوات الأربع الماضية شهدت جملة من الخطوات السياسية، بدأت بتخلي طرابلس عن أسلحتها النووية بالكامل، وتعويضها ضحايا طائرة لوكربي، وتبعه بعد ذلك فتح الإدارة الأميركية مكتب اتصال لها في طرابلس، ثم رُفع اسم ليبيا من قائمة الدول الداعمة للإرهاب الذى تصدره وزارة الخارجية الأميركية قبل أن يعلن الرئيس الأميركي جورج بوش أخيرا تتويج هذه الخطوات بتعيين سفير أميركي فى العاصمة الليبية (طرابلس).

وعلى رغم تحفظ مصادر الخارجية على تأكيد موعد زيارة رايس، فإن المتحدث باسم دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دافيد فولي أوضح أن «الوزيرة أعلنت أنها تعتزم زيارة ليبيا في وقت ملائم وأن أحد أهداف زيارة ديفيد ولش الحالية لطرابلس خلق الظروف المواتية لهذه الزيارة».

وكشف فولي النقاب عن لقاءات جرت بين ولش ومسئولين ليبيين في أوروبا في الآونة الأخيرة، بيد أنه لم يحدد تاريخ هذه اللقاءات أوالمواضيع التي تطرق إليها الجانبان.

زيارة رايس هي الأهم إذ تمثل رايس أرفع مسئول أميركي زار ليبيا منذ أن بدأ تحسن العلاقات، بعد أن قبلت ليبيا المسئولية عن تفجير طائرة «بان أميركان» فوق لوكربي باسكتلندا العام 1988 ما أدى إلى مقتل 270 شخصا.

ويعتبر جون فوستر دالاس هو آخر وزير خارجية زار ليبيا في العام 1953، وكان عدة مسئولين أميركيين زاروا ليبيا بعد تطبيع العلاقات بين البلدين في مايو/ أيار العام الماضي، من أبرزهم نائب وزير الخارجية جون نغروبونتي، ومستشار البيت الأبيض لقضايا الإرهاب فرانكس فراجو.

ويبدو أن القذافي يتطلّع إلى «شراكة فاعلة» مع أميركا في القارة الإفريقية، تستند إلى توزيع أدوار تُقِر بدور واشنطن التي تسعى إلى تطويق الانتشار الصيني في القارة، مقابل إقرار أميركا بدور ليبيا الإقليمي. وكان هذا التقاسم مِحور المحادثات التي أجراها مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جون نيغروبونتي في ليبيا في الربيع الماضي، ورافقه خلالها وفد ضمّ مساعدة الوزيرة للشؤون الإفريقية غينادي فريزر، ونائب مساعد الوزيرة لشئون الشرق الأدنى.

إلى جانب تطويق التمدد الصيني في القارة الإفريقية، هناك النفط، فالقارة الإفريقية وفي مقدمتها ليبيا ستكون منطقة مهمة لتصدير النفط في العالم. ولهذا فإن النفط سيكون عامل تعاون أو توتر بالنسبة إلى المنطقتين الولايات المتحدة وإفريقيا ومن بينها ليبيا. ولهذا ستحكم السياسة النفطية مستقبل العلاقات.

لذلك، فمن المتوقع أن يكون النفط على قائمة الموضوعات التي ستثيرها رايس في طرابلس، فنفط الخليج أصبح في وضع غير مضمون نتيجة الظروف التي تمر بها المنطقة. كما أن الطلب العالمي على النفط يزداد بشكل درامي ويصعب توقعه. في الوقت ذاته تقدر احتياطات إفريقيا من النفط حتى الآن بحوالي 80 مليار برميل، ويتوقع استثمار 35 مليار دولار أميركي خلال خمس السنوات المقبلة في نشاطات استكشاف وتطوير وإنتاج النفط. كما أن هناك احتياطات هائلة من الغاز في القارة الأفريقية وخصوصا الجماهيرية. فليبيا تنتج حاليا 1,4 مليون برميل يوميّا، ويبلغ الاحتياطي المؤكد 29,5 مليار برميل. علما بأن 75 في المئة من اليابسة غير مستكشف. وتنتج أفريقيا حاليّا 10 ملايين برميل يوميا. وسيبلغ إنتاجها 16,242 برميلا يوميّا بحلول العام 2020. احتياطات إفريقيا المثبتة 71,0 مليار برميل، وتمثل ليبيا 41,5 في المئة من ذلك الاحتياط. الولايات المتحدة هي المستورد الأول للنفط في العالم.

النفط سيكون بؤرة الصراع في المستقبل، أو عامل تعاون وتكامل. إن الاستقرار في أفريقيا وتقدمها في اتجاه الاتحاد وإنهاء الصراعات في أنغولا والسودان وتشاد وساوتومي وبرنسيب، خاصة بعد الاكتشافات النفطية الهائلة في خليج غينيا وسواحل أنغولا ونيجيريا سيمكن العالم وخصوصا الولايات المتحدة من الحصول على احتياجاتها من النفط من أفريقيا.

فهل يشهد العام 2008 بداية مرحلة جديدة من العلاقات بين واشنطن وطرابلس تكف الأولى عن اتهام الثانية بعاصمة الإرهاب، وتتوقف الثانية عن وصف الأولى بأنها الشيطان الأعظم؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1963 - الأحد 20 يناير 2008م الموافق 11 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً