العدد 2283 - الجمعة 05 ديسمبر 2008م الموافق 06 ذي الحجة 1429هـ

ما قصة «المرور» هذه الأيام؟

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

بات المواطن العادي اليوم يسأل أكثر وهو يعرف الحقيقة قبل السؤال أصلا ولكنه يسأل من باب الاستنكار، فأحيانا نسأل لأننا نريد الإجابة وأحيانا نسأل مستنكرين، لا نريد اليوم أن نقلل من أهمية الحملات المرورية المنظمة والتي تتم بين الفينة والأخرى، يكفينا حوادث مريعة والتي يروح ضحيتها الأطفال والشباب، ونحن في كل يوم تقريبا نسمع أو نقرأ عن الحوادث القاتلة.

أصبحنا نعرف بأن الحملات المرورية اليوم تتم، لا بهدف التقليل من الحوادث أو الحد منها ولكنها صارت سمة سلبية الهدف منها جمع رسوم المخالفات وكأن هناك تعليمات مشددة لجمع أكبر مبالغ ممكنة في أقل فترة زمنية ممكنة، الناس الفقارى ما عندها تأكل عندها تدفع المخالفات المرورية، من دون إحساس فالمرور يتواجد في الأماكن المهمة والحساسة والتي من المتوقع أن تكون هناك مخالفات لكون مواقف السيارات غير متوافرة بصورة مناسبة، فبدلا من حرص إدارة المرور على التواجد إيجابا بغرض توعية السائقين وإرشادهم إلى مواقف السيارات وحثهم على عدم الوقوف في الأماكن غير المناسبة، تجدهم يقفون متربصين للسائقين، ما أن يقف السائق بسيارته في موقف السيارات ويتحرك لتجد دورية المرور تتجه لوضع ورقة المخالفة على السيارة ولا يهمها إن كانت قد ثبتت ورقة المخالفة على السيارة أو أنها سقطت منها، فقط ما يهمها إلا الرجوع إلى المكتب ودفتر المخالفات قد استنفد والسائق لا بد له أن يدفع رسوم المخالفة عاجلا أم آجلا والله يخلي أجهزة الحاسوب التي تسجل كل شيء وتكون رقيبا عتيدا.

ما يؤسف له حقا أن الدور التوجيهي لإدارة المرور غائب ولا وجود له ولكن الدور الرقابي موجود بصورة غير منتظمة وغير معهودة وبالتالي يحقق الكثير من الأهداف التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها والتي يتضح بأنها من ضمن أولوياتها، ويظل السؤال بأن الدور التوعوي بالنسبة للمواطنين غير موجود وقد يكون أحد أبرز الأسباب للمخالفات وللحوادث، وبالنسبة إلى موقف المواطن من المخالفة ممكن يدفع رسومها «ستة دنانير» أو أكثر منها، ولكن لا يأخذه درسا لأنه لم يدرس أصلا ولم يوجه، يدفع لكونه معتادا على الدفع فإن لم يدفعها للمرور فربما يدفعها لغيرها.

قبل أيام تعرضتُ شخصيا لموقف مماثل، فقد كنت أتحدث في الهاتف الجوال أثناء قيادة السيارة، لثانية فقط فقد كانت المكالمة جدا مهمة وتحتاج إلى جواب قصير جدا «نعم» فما كان مني إلا الرد على المكالمة، في تلك الأثناء لحظت سيارة دورية المرور تمشي خلفي مباشرة، أحسست بأنها ستلاحقني، وبالفعل عندما توقفت لأخذ ابني من المدرسة كان المرور قد طلب مني رخصة القيادة، وخالفني على استخدام الهاتف أثناء القيادة دون نقاش ودون نصيحة، وعندما ناقشته في أصل المخالفة وإنني لم أتحدث في الهاتف لفترة بل كانت عبارة عن ثانية والدليل كونكم ورائي مباشرة، ردّ: ولكن كنتِ قد استخدمتي الهاتف أثناء القيادة وهذا ممنوع.

وعندما جادلته خالفني أيضا على استخدام حزام السلامة لكوني لم أكن ألبسه مثلي مثل غيري مثل أكثر من 90 في المئة من السائقين إذا لم تكن النسبة أكبر، وهنا قلت له إن جميع السائقين المارين علينا وأنا وأنت نشاهدهم بأنهم مخالفون لكونهم لا يلبسون حزام السلامة، بمن فيهم رجال المرور أنفسهم ولكنك بين قوسين «متسبب» وعلى رسوم المخالفة أنا ما عندي مانع أدفع ولكن أصل الفكرة أن أنت كل ما يهمك أن تنهي دورك من خلال تسجيل المخالفة وتسليمها إياي، فردَّ: إذا أنا متسبب كما تعتقدين ممكن تذهبي لإدارة المرور وتخبريهم بذلك. بالطبع لن أذهب وسأدفع رسوم المخالفة وقد آخذ الموقف درسا وقد لا؛ لأن في النهاية الموقف لم يعالج بصورة سليمة فالتوعية مفقودة رغم إيماني الصادق بخطورة استخدام الهاتف أثناء القيادة.

ما أريد أن أقوله لإدارة المرور ولرجال المرور: جيد أن تقوموا بدوركم الرقابي وتخالفون المستحق لذلك، ولكن عليكم أن تقيسوا النتائج بصورة دقيقة هل في ظل الالتزام بهذا الدور سيكون له أثر إيجابي على الواقع؟ هذا أمر، الأمر الآخر هل الدور الرقابي يا إدارة المرور أهم من الدور التوعوي والتوجيهي للسائقين والمشاة؟ أم لا؟ نريد جوابا منكم!

وإذا كان الجواب بأن الدور الرقابي أهم، لماذا تنشط الدوريات في أوقات وتختفي في أوقات وتتواجد في مكان وتختفي في أماكن أخرى، لماذا لا يكون على مدار السنة؟ ولماذا لا تأخذ الدوريات من مناطق البحرين كافة مكانا لها؟

وهل الحوادث فقط سببها استخدام الهاتف الجوال رغم أننا لا نقلل من تأثيره بل قد يكون سببا رئيسيا وعلى إدارة المرور أيضا أن تقوم بالدراسات التي تؤكد ذلك أو تنفيه وأن تزودنا بالنتائج حتى نستفيد منها لا تجعلها أحد أسرارها، فالحوادث المميتة كما نعلم وتعلمون لها أسباب كثيرة لعل أبرزها وأهمها السياقة بلا وعي، وهؤلاء لا يوجد ما يردعهم أو يكفي الناس شرهم، بل إن العقوبات تخفف عليهم لكونهم خارج وعيهم

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2283 - الجمعة 05 ديسمبر 2008م الموافق 06 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً